تعاليقرأي

 ماكرون، المعصم والسّاعة.

عزيز فيرم، كاتب سياسي وروائي جزائري

تناقلت وسائل إعلام فرنسيّة صورا للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غداة لقاء تلفزيوني وهو يخلع ساعته الثمينة من معصمه ليخبئها تحت الطاولة، عند معرض حديثه عن الأزمة الإقتصاديّة التي تعيشها بلاده من مدّة.

ويظهر جليّا من خلال تلك الصّور أنّ ماكرون نسي باديء الحوار ساعته بيده إلى غاية كلامه عن موجة الاحتجاجات التي تعرفها فرنسا.

وأظهر مقطع الفيديو الذي نشره كولارد، ماكرون وهو يخلع ساعته تحت طاولة المقابلة التي بثتها قناة (إل سي إي) عندما كان يسترسل في الحديث مع الصحفيين من قناتي (فرنسا 2 وتي إف 1).

وتشهد فرنسا من حوالي عشرة أيام مظاهرات واحتجاجات  على خلفية رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، وقد ترافق ذلك مع إضرابات في كثير من القطاعات من بينها قطاع النظافة، حيث غرقت شوارع باريس ومدن أخرى في القمامة تبعا لذلك.

وأثارت تصرفات قوّات الأمن الفرنسيّة التي تدخلت بالسحل والضرب، حفيظة العديد من الدول ومن بينها إيران التي شجبت ونددت بتلك التدخلات العنيفة ضد مواطنين عزّل، وقد ندد كذلك مجلس أوروبا بتلك التدخلات معبرا عن قلقه حيّال الأوضاع هناك حيث لا جديد ينبلج ويبشّر بحلحلة للأزمة المتفاقمة والتي يبدو أنها قد تطول وربما تنتشر لتعمّ قطاعات ووظائف حيويّة أخرى في البلد.

وفي سيّاق متصل تأجلت زيارة الملك البريطاني تشارلز الثالث إلى باريس، حيث يرى الإليزيه أن تلك الزيارة قد تستغلها بعض الحركات ومنها الحركة اليساريّة التي ستستغل الزيارة للقيام بحرب صورخلال الاحتجاجات القائمة، بحسب التعبير الصادر عن محيط ماكرون.

فرنسا اليوم على كف عفريت ويبدو أن الوعود التي يطلقها ماكرون خلال كل لقاء أو مناسبة لم تكن سوى مسكنات آنيّة في ظل أزمات إقتصاديّة تشهدها كثير من دول العالم حيث بدأت آثار كوفيد والحرب الرّوسيّة في أوكرانيا تلقي بظلالها على الإقتصاد العالمي ككل، بارتفاع فاحش للأسعار وتهلهل القدرات الشرائيّة لعامة النّاس.

 لكن بالمقابل يبدو كذلك أنّ الدّولة الموصوفة بثاني أقوى اقتصاد بأوروبا تدفع جزءا من فاتورة استغلال واستنزاف مقدرات الغيرودخولها بشكل مباشر في الاعتماد على ثروات الغير لبناء اقتصادها ونماء ثروتها، عطفا على الحلول الترقيعيّة التي ميّزت حقبة ماكرون الذي تلقى صفعات عدّة على المستوى الدخلي كما الخارجي، ما أدى إلى تهاوي سحيق في شعبيته وكذا في صورة فرنسا في الخارج حيث تراجعت هيبتها بشكل ملحوظ حتى داخل الدّول المستعمرة في صورة الدول الإفرقيّة وآخرها ما حدث في الجولة الإفريقيّة لماكرون وما حدث بالضبط غداة زيارته للكونغو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى