أحوال عربيةأخبار العالم

ماذا بعد هذا الهدوء السياسي في فلسطين ؟

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي

في خطوات متلاحقة وعن سبق إصرار يواصل الكيان الصهيوني مساعيه الحثيثة من أجل السيطرة على المسجد الأقصى المبارك في تحد سافر للعرب، ومن هنا فأن الحكومة الإسرائيلية التي يقودها الصهيوني نتنياهو مقبلة على تقسيم المسجد الأقصى المبارك، ومقبلة على إيجاد مكان لها في الحرم القدسي والسيطرة على أكبر مساحة ممكنه منه مستثمرة اللحظة التاريخية التي يمر بها العرب في ظل انشغالهم بأنفسهم، وفي ظل ضعف تأثيرهم المفترض في تحولات القضية الفلسطينية ومجرياتها.

يبدو أن الأفكار التي تدور في العقل الإسرائيلي تتمحور حول الالتفاف على القضية الفلسطينية من خلال تفكيكها الى أجزاء ومعالجة كل جزء على انفراد حتى تذوب من تلقاء نفسها وتفقد زخمها وبعدها السياسي، فالخطة التي تدور في رأس نتنياهو تهدف الى تقسيم المسجد الأقصى، وحصول المسلمين على المصلى القبلي جنوباً وملحقاته المقدسة، في حين يحصل اليهود على المنطقة الوسطى والشمالية من المسجد، بما في ذلك مصلى قبة الصخرة؛ وهو المكان الذي كان الهيكل قائماً فيه “وفق الرواية اليهودية المزعومة”.

هذه الخطة تهدف الى تهويد القدس، وباستيطان مكثف للضفة الغربية، وبتحويل المسجد الأقصى إلى « جبل الهيكل» ضمن مخطط يقوم على التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، تشرف الحكومة الإسرائيلية على تنفيذ تلك الخطط بوضع الميزانيات المالية والقوى العسكرية والأمنية اللازمة لفرضها.

أن عصابات المتطرفين أرادت إيصال رسائل إلى العالم العربي والإسلامي في هذه القضية، وأرسلت مؤشرات بأن الحكومة الإسرائيلية أدارت ظهرها لجميع القوانين، وترسل للعالمين العربي والإسلامي رسالة مفادها أن القدس هي “عاصمة يهودية لمشروع الدولة اليهودية”

هذا الخرق الفاضح من قبل حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة واقتحامات المسجد الأقصى جاء رداً على البيان الختامي لقمة جدة التي أكدت على مركزية القضية الفلسطينية، وطالبت بوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، وبإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية، واعتبر البيان أن الجانب الإسرائيلي لا يعتبر شريكا موثوقا للسلام، وأنه غير مؤهل لإقامة تسوية عادلة وشاملة مع الفلسطينيين.

الهدوء الظاهر في فلسطين من قبل المقاومة قد يتحول إلى الهدوء الذي يسبق العاصفة، حيث تتابع المقاومة بإهتمام شديد وتراقب أدق تفاصيل التطورات المتعلقة بالأقصى وهي على الاستعداد التام للتصدي لهذا العدوان ومواجهة الخبث الاسرائيلي، كما وجهت رسائل حاسمة لنتنياهو بعثرت ساسة وسماسرة الكيان الصهيوني ليتخبط بقوة وصمود رجال المقاومة، إذ أعلنت إسرائيل حالة التأهب القصوى، إثر تهديدات محور المقاومة بالرد على هذا الحادث، في ظل ترقب وخشية دولية من أن يشعل الرد المنطقة بلهيب حرب إقليمية لن تبقي ولن تذر

فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين بأنه لا يجب التعويل على الأمم المتحدة لأن قراراتها السابقة بحق الشعب الفلسطيني لم تنفذ، بل يجب التعويل على ثبات ووحدة الشعب الفلسطيني وحده.

وفي حقيقة الأمر، نحن الآن أمام تحدي كبير يتطلب التغيير في الاستراتيجيات والأدوات لأنه لم يعد بالإمكان بالطريقة القديمة أن نصل إلى نتائج ملموسة، فإسرائيل لن تقبل العملية السياسية وكل المبادرات التي تبذل من هنا وهناك للوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، فالخيار الأفضل حالياً للتعامل مع الاحتلال هو العودة إلى الكفاح والمقاومة بكل أشكالهما، وكسر حال الصمت لمواجهة العملية الاستيطانية والتهويد المستمر للقدس.

وإنطلاقاً من ذلك يمكنني القول إن تحرير الأراضي الفلسطينية المغتصبة من قبل الكيان الصهيوني المحتل سيكون عن طريق المقاومة فهي السبيل الوحيد للتصدي للعدوان الغاشم من الصهاينة، وقد أثبتت المحادثات والمفاوضات على مر العقود السابقة فشلها وعدم التزام هذا الكيان بها، وبالتالي فعلى الجميع إدراك بأنه لا مجال للانتصار على العدو سوى بالمقاومة، لذلك لا بد من التوحد خلف استراتيجية واضحة وثابتة ودائمة لفضح الاحتلال وعزله ومواجهته بكل أشكال المقاومة سواء كانت عسكرية أو إعلامية أو قضائية إلى أن يزول عن كامل الأرض والمقدسات الفلسطينية.

وأختم مقالتي بالقول إن المسجد سيظل إسلامياً خالصاً لا يقبل القسمة، وإنه لن يكون فيه موطئ قدم للاحتلال ومتطرفيه مهما بلغت غطرستهم وعربدتهم من خلال صمود أبناء الشعب الفلسطيني الذين يرابطون للدفاع عن الأقصى بصدورهم العارية، وسيبقى الأقصى الشريف قبلة المسلمين الأولى وثالث المسجدين عنوان القضية الفلسطينية ورمز عزتها، وأن مدينة القدس والمسجد الأقصى لن نستعيدهما إلا بالمقاومة بكل أشكالها وعلى راسها المقاومة المسلحة.

وأخيراً إننا في انتظار الحدث الكبير…والترقب سيد الموقف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى