ثقافة

حرب المسلسلات التاريخية في رمضان

كاظم فنجان الحمامي

معظم هذه المسلسلات، أو كلها في الغالب، لا علاقة لها بالدين، لكن الجهات الممولة لها وضعتها في هذا التصنيف، وحددوا توقيتات لبثها ضمن البرامج الرمضانية لكي يقدسونها، ويمنحونها صبغة دينية. .
تتمثل الحروب على وجه العموم بثنائية المعتدي والمُعتدى عليه، وثنائية الهجوم والدفاع. وبالتالي فان الطرف الثاني (أي المُعتدى عليه) في حروب المسلسلات الدينية، هو المشاهد الذي فرضت عليه الفضائيات العربية شخصيات تاريخية مشكوك في أمرها، أو مثيرة للجدل، أو لها بصمات سوداء في سجلاتها الدموية. وسيصبح المشاهد في ظل المؤثرات السينمائية هو الضحية، لانه سيرى شخصية البطل في صورة مغايرة لشخصيته الموثقة في بطون كتب التاريخ.
مثال على ذلك: مسلسل (الحجاج بن يوسف الثقفي) الذي انتجه المركز العربي للإنتاج الإعلامي في الاردن عام 2003، لكن سلوك (حجاج) عام 2003 يختلف تماما عن سلوكه في مدينة واسط عام 702 وما بعدها، فقد كان سفاحا متعطشا لهدر دماء الأبرياء، لا يبالي شيئًا في سبيل مقاصده. .
وهو في المسلسل يختلف عن شخصيته عندما رجم الكعبة المشرفة بالمنجنيق والناس يطوفون حولها، وتختلف عن عدوانيته عندما قتل عبدالله بن الزبير بن العوام، وهو يعلم انه ابن أسماء بنت أبي بكر الصديق، ومع ذلك تعمدت الفضائيات العربية صناعة (حجاج دجتال) بقصد تضليل الناس وتزييف الحقائق التاريخية. .
ثم جاء مسلسل (ثورة المختار) الذي انتجه التلفزيون الايراني عام 2010، وأخرجه : داوود مير باقري، لكن محتوى المسلسل كان يوحي للمشاهد ان العراقيين هم الذين غدروا بآل البيت وهذا غير صحيح، وظهر في المسلسل ان جيش المختار لم يكن عربياً، وهذا غير دقيق، ثم اوجدوا لنا شخصية وهمية يدعى: (كيسان)، ولا يوجد في التاريخ سوى سطرا واحدا يحكي عن (كيسان)، وقد انتقد المؤرخ الدكتور علي النشمي هذا المسلسل بشدة. .
وستعرض علينا قناة MBC في رمضان القادم (مسلسل معاوية بن ابي سفيان)، لكنك لو اطلعت على التاريخ ستجد ان صورته في المسلسل تختلف تماما عن صورته التي نقلها لنا المؤرخون، وسيظهر علينا بمآثر مصطنعة تلغي مشاركته في قتل الصحابي الجليل عمّار بن ياسر (ويح عمّار تقتله الفئة الباغية)، وتلغي دوره في قتل محمد بن ابي بكر الصديق، وتلغي استئثاره بالحكم واحتكار بيد أبناءه واحفاده، وتحويل الحكم إلى دكتاتورية أموية مجيرة بالكامل لآل سفيان وآل مروان، وتلغي ما قاله عنه الأئمة الأربعة في تحليل شخصية معاوية : (الشافعي والمالكي والحنبلي والحنفي). .
وسوف تستمر الفضائيات في حروبها المعادية للعروبة والاسلام من خلال تزييف الحقائق، وتجميل صورة ملوك السلالة الأموية في المواسم الرمضانية. .
ورحم الله دعبل الخزاعي عندما قال في هؤلاء:-
يا أُمَّةَ السوءِ ما جازَيتِ أَحمَدَ عَن
حُسنِ البَلاءِ عَلى التَنزيلِ وَالسُوَرِ
خَلَفتَموهُ عَلى الأَبناءِ حينَ مَضى
خِلافَةَ الذِئبِ في أَبقارِ ذي بَقَرِ
أَبناءُ حَربٍ وَوَمَروانٍ وَأُسرَتُهُم
بَنو مُعَيطٍ وُلاةُ الحِقدِ وَالوَغَرِ
هَيهاتَ كُلُّ اِمرِىءٍ رَهنٌ بِما كَسَبَت
لَهُ يَداهُ فَحُذ ما شِئتَ أَو فَذَرِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى