في الواجهة

الانتحار الجماعي

طريقان للانتحار الجماعي لا طريقً واحداً

رضي السماك

في كلمته أمام قمة المناخ المنعقدة في شرم الشيخ، حذُر الأمين العام للاُمم المتحدة البشرية انطونيو غيرتيش من مغبة ” الأنتحار الجماعي”، مؤكداً أن البشرية أمام خيارين: إما العمل معاً ،أو “الأنتحار الجماعي” مضيفاً: “نحن نسلك الطريق السريع نحو الجهنم المناخي ونواصل الضغط على دوّاسة السرعة”. وفي الواقع فإن الوصف المخيف الموغل في التشاؤم، والذي تعمُد غوتيرش به ليقرع جرس الإنذار لما يحيط البشرية من مستقبل قاتم؛ جراء التغير المناخي، لم ينجح في جذب مختلف وسائل الإعلام العالمية التي أبرزته في صدارة أخبارها المقروءة والمرئية والمسموعة فحسب، بل أثار أنتباه وقلق ملايين الناس التي تعي جيداً مخاطر التغير المناخي وتعاني منه.
لكن لنتساءل هنا: هل “التغير المناخي” وحده ما يحيق بمستقبل البشرية من خطر داهم؟
أوليس سباق التسلح العالمي، بموازاة الحروب الأقليمية المشتعلة، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية التي تنذر باستخدام أسلحة الإبادة النووية الشاملة من قِبل أطرافها- روسيا من جهة وأوكرانيا وحلفائها من الدول الكبرى الغربية من جهة اخرى- تنذر أيضاً بالسير سريعا نحو الهاوية النووية التي لا تقي ولاتذر؟ثم ما الذي يشكل الخطر الآني على البشرية الأكثر إلحاحاً: الضغط على “دوّاسة السرعة” نحو الهاوية المناخية أم الضغط على “دواسة السرعة” نحو الكارثة النووية؟
في واقع الحال إن البشرية، ودون التقليل البتة من مخاطر التغير المناخي، إنما تسير اليوم على طريقين متوازيين خطرين نحو ما وصفه غوتيرش ب” الأنتحار الجماعي”. بيد أن قضية “السلم العالمي” وإطفاء نيران أخطر الحروب الراهنة، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، هي القضية الأكثر خطورة وإلحاحاً. والطريقان اللذان تسير عليهما البشرية- رغم إرادتها المسلوبة- كلاهما يفضيان إلى هلاكها، وهذا ما يتطلب تضافر جهود شعوب وقادة دول العالم، للضغط بقوة لفرملة السرعة نحو “الهاوية النووية” بأقصى مايمكن من وسائل ممكنة، وذلك بموازاة وقف التدهور البيئي المتسارع. بعبارة اخرى أن البشرية أمست اليوم على طريقين للانتحار الجماعي لا طريق واحد، الأول بطيء قياساً بالثاني( التغير المناخي) والآخر هو الأسرع ( المحرقة النووية)،وفي عدادها تواصل الحروب الكبرى بالأسلحة غير الأستراتيجية المهددة بتوسعها. وتتحمل الدول الغربية الكبرى المسؤولية الأولى في وضع البشرية على كلا الطريقين المرعبين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى