في الواجهة

الاستراتيجية التنظيمية للأحزاب

ناجي الغزي

الأحزاب في أي نظام سياسي فاعل رئيسي ومؤثر في المشهد السياسي لذلك من الضروري ان تدعم تلك الأحزاب هياكلها التنظيمية بالاستراتيجيات قصيرة وطويلة الأمد، لمواجهة التقلبات التي تواجه تلك الأحزاب في البيئة السياسية المتغيرة. ورغم أن خارطة الأحزاب السياسية في العراق شهدت طفرة كبيرة بعد سقوط النظام البعثي، إلا أن فكرة الانضمام الى الأحزاب غير جاذبة للشباب وغير مشجعة للتفاعل مع الحياة الحزبية والسبب يعود في مشكلات الهياكل التنظيمية للأحزاب.
والاستراتيجية التنظيمية تقوم على دمج تصورات الحزب ووظائفه في ضمن استراتيجيات واسعة تساعد على التفكير والتخطيط العقلاني ويستطيع الحزب من خلالها تعزيز قدراته وتحسين وتطوير تنظيماته في ظل الأوضاع المعقدة والمضطربة. فغالبا ما تجد الأحزاب السياسية نفسها امام بيئة سياسية متقلبة كالإصلاحات الدستورية والقانونية والاضطرابات الاقتصادية وحركة الشارع التي تعيق وتؤثر على حركة التنظيمات الحزبية, مما تضطر على التركيز لمواجهة أزماتها الخارجية كرد فعل غير خاضع لقياس استراتيجي ممنهج.

مما يؤدي الى اضعاف الحزب وتقويض فرص بقاءه فاعلاً في المشهد السياسي. فعلى تلك الأحزاب العريقة والناشئة على حد سواء تعضيد هياكلها الحزبية بقدرات وأساليب تنظيمية فاعلة، تكسر من خلالها قاعدة الولاءات المترهلة وتعلن الانفتاح على النخب المثقفة واستقطاب الشباب الواعي القادر على صنع قنوات مشاركة واسعة داخل المجتمع. بهذه الاستراتيجية يستطيع الحزب ان يلعب دورا مهما في تنظيم إرادة الجماهير المختلفة وبلورتها على شكل أفكار وبرامج حزبية.
فهناك فواعل سياسية تتخذ عناوين خارج التصنيف السياسي كمفهوم مثل (الحركات والتيارات والجماعات) تعتمد على تثوير الشارع وتسييسه أو على الحشد الجماهيري وضخ الشعارات الرنانة المغطاة بالمد العاطفي الديني أو الوطني أو العشائري باستقطاب مناصرين لها في مواسم الانتخابات. دون الاعتماد على استراتيجية التنظيم الحزبي التي تضمن لها قواعد جماهيرية صلبة قادرة على التفاعل مع المجتمع وإقناعه ضمن برامجها وادواتها, وتؤمن لقواعدها حقوق ومكتسبات سياسية, فتصاب بالفشل الانتخابي.

والاستراتيجية التنظيمية تساعد الحزب في تنمية قاعدة ناخبيه وتؤهله للحصول على اكبر عدد من الأصوات في الانتخابات لكونها ترتبط ارتباط وثيق بالحملات الانتخابية, وهي السبيل الى الوصول لإقناع الناخبين بالتصويت للحزب. باعتبار أصوات الناخبين أهم مصدر للشرعية السياسية لسلطة الحزب في الحكومة.

ولا يمكن لاي حزب ان يحقق غاياته للوصول الى السلطة بطريقة عشوائية او فوضوية دون الاعتماد على الاستراتيجية التنظيمية لهياكله الحزبية واشراك كوادره في التنظيمات الفرعية. وهذه لا يمكن اختزالها بمواسم الانتخابات، بل تحتاج الى أنشطة يومية ومبادرات شهرية وتخصيص موارد مالية وتقييم دوري لتلك الاعمال لكي يحافظ الحزب على البقاء في مستوى الطموح.
وبما ان الاستراتيجيات في جميع مخرجاتها جهد تشاوري منضبط يهدف الى صنع القرارات الصائبة والاعمال الجادة في جميع الميادين, فهي قادرة على تطوير رؤية الحزب المستقبلية وتحدد انشطته وتحسن مستوى أداءه السياسي وتمنحه قدرة على التحليل واتخاذ القرار, واكتساب الخبرة العلمية والمنهجية لمواجهة التحديات والأزمات المتوقعة في البيئة السياسية المتحركة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى