الاثار الايجابية للزيادة السكانية
اعداد
الدكتور/ احمد حسن عمر
لقد بلغ تعداد سكان العالم لأكثر من 8 مليارات نسمة ، وذلك يعتبر بمثابه علامة فارقة في تاريخ البشر، كما يتوقع تمو تعداد سكان العالم ليصل إلى ثمانية ونصف مليار نسمة في عام 2030، و 9.7 مليار نسمة عام 2050، و10.4 مليار شخص في عام 2100.
وتمثل الزيادة السكانية أحد أهم المحركات والدوافع وراء العديد من الأنشطة، التي تمثل ضغوطًا وتهديدًا للموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي والبيئة عمومًا، فالزيادة السكانية تعني أننا في حاجة أكبر لتوفير كافة سُبل الحياة.
والجدير بالذكر ان الزيادة السكانية ليست مشكلة في حد ذاتها إذا واكبها نمو اقتصادي بما يعادل ثلاثة أضعاف معدل النمو السكاني إلى جانب نظام تعليمي وسوق عمل يستوعب الكفاءات الشابة، ويكون قادرا على خلق الوظائف اللازمة للجيل الجديد، وتدفع بالاقتصاد إلى مزيد من النمو.
الزيادة السكانية “الطبيعية”
تًعرف الزيادة السكانية الطبيعية أو النمو السكاني على أنها الزيادة في عدد السكان في منطقة ما، بما يتناسب مع مواردها المتوافرة، بحيث تبقى العلاقة بين معدل الخصوبة والوفيات والهجرة متوازنة، مما يؤدي للحفاظ على توازن المنطقة بكافة قطاعاتها، وذلك ينعكس بالإيجاب على تقدم الدول وتميزها بزيادة الابتكارات والتقدم في مستوى التعليم والصناعة والزراعة وحتى الصحة، وبالتالي التقدم الاقتصادي والازدهار بالاستثمارات المحفزة لزيادة الناتج المحلي للدولة.
الزيادة السكانية “غير الطبيعية”
تُعرف الزيادة السكانية غير الطبيعية أو الانفجار السكاني، على أنه الزيادة في عدد السكان في منطقة ما بقدر يفوق كمية مواردها والقدرة الاستيعابية الخاصة بها، مما يسبب العديد من المشكلات في جميع جوانب الحياة، وذلك يترك آثار سلبية متنوعة في القطاع البيئي بسبب زيادة الطلب على الموارد وعدم القدرة على تعويض النقص فيها، والأثر على قطاع الزراعة بالتوسع غير المدروس على حساب المناطق الخضراء وإتلافها، والأثر على التنمية الذي يقلل من فرص الاستثمار الفعال والمُنتج، والأثر الاجتماعي الذي يُلحق الضرر في مستوى معيشة الأفراد على كافة الأصعدة.
تعداد سكان مصر
تطور تعداد سكان مصر عبر قرن من الزمان ، حيث تجاوز عدد سكان مصر الـمائة مليون نسمة، لتصبح الدولة رقم 14 على مستوى العالم من حيث عدد السكان، وتأتي الصين والهند في المقدمة، وكل منهما تجاوز 1,3 مليار نسمة، تليهما الولايات المتحدة بنحو 330 مليون نسمة، ثم أربع دول يتراوح عدد سكانها بين 200 و300 مليون، وتتكون من إندونيسيا وباكستان والبرازيل ونيجيريا، ثم سبع دول يتراوح عدد سكانها بين 100 و200 مليون نسمة، ومتمثلة في كل من بنجلاديش وروسيا والمكسيك واليابان وإثيوبيا والفلبين ومصر .وقد نما عدد سكان مصر خلال القرن الماضي، من نحو 13 مليونًا في 1920 إلى نحو 32.7 مليونًا في 1970، ثم إلى 100 مليون في 2020، وخلال القرن الماضي اتجه متوسط الزيادة السنوية إلى الارتفاع عبر الزمن، فقد أضافت مصر إلى سكانها تحو 3.6 مليون نسمة بين عامي 1920 و1940
ولقد قدر مكتب السكان بالأمم المتحدة أن عدد سكان مصر سيصل بحلول عام 2030 إلى 102.6 مليون نسمة، ويصل إلى 121.8 مليون نسمة عام 2050 ، إلا أن التقديرات الأخيرة لمكتب السكان توقعت وصول مصر إلى 120.8 مليون نسمة عام 2030 ، وإلى 160 مليونًا عام 2050.
الزيادة السكانية منحة
الزيادة السكانية تصبح منحة، إذا اثمرت عن زيادة في الإنتاج الحقيقي للدولة، والذي يتحقق بزيادة في أعداد المنتجين والمبدعين وليس في أعداد العاطلين، وانخفاض في معدلات الفقر وزيادة في متوسط دخل الفرد بحيث تصاحب الزيادة في حجم السوق زيادة مماثلة في القوة الشرائية، وتصبح دافعًا لتنشيط التصنيع المحلى، وبالتالي يصبح المجتمع قادرًا على خلق فرص عمل منتجة ، وبالتالي ينتج عنها الآتى:
• ظهور العقول النيرة وزيادة الابتكارات في مجال الزراعة والطب والصناعة، أي توفير العديد من الأفكار الريادية والاختراعات الجديدة لتوفير الحاجة والطلب على العديد من الموارد الطبيعية والصناعية والزراعية والوصول للاكتفاء الغذائي، وبالتالي الوصول لطرق أكثر كفاءة لإنتاجيتها.
• زيادة النمو الاقتصادي في العديد من القطاعات، إذ يؤدي زيادة عدد الأطفال لزيادة الطلب على كافة الأمور المرتبطة بطفولتهم من ملابس وألعاب وكتب وغيرها، وهو بمثابة تحريك لعجلة التجارة، كما أن زيادة عدد أفراد العائلة، يزيد الرغبة في اقتناء منازل أكبر، مما ينعكس إيجابًا على القطاع الإنشائي وبالتالي على الاقتصاد الكلى
وأخيرا يتضح ان الزيادة السكانية تؤدى إلى زيادة الطلب على المياه وعلى مصادر الطاقة، كما تؤدي إلى مزيد من البناء على الأرض الزراعية، وسيشكل ذلك إضرارًا بالبيئة واستنزافًا للموارد الطبيعية، مما ينتج عنه هشاشة المجتمع، والتأثير بالسلب على مواجهة التحديات البيئية وعلى رأسها التغير المناخي، وما يمكن أن ينجم عنه من احتمال ارتفاع مستويات البحار وغرق مساحات من الدلتا .