أحوال عربية

الأغلبية الصامتة

 
فلاح أمين الرهيمي
العراق رقعة جغرافية من الأرض يطلق عليه الوطن تسكنه أقوام مختلفة الأجندة والطوائف كانت تعيش في وئام ومودة واحترام وقد تعرض العراق في العصر الحديث إلى غزوات استعمارية بسبب خصوبة أرضه وخيراته وثرواته الكثيرة وكانت الغزوات الاستعمارية من دولة الفرس والعثمانيون والبريطانيون وقد تعرضت الطوائف العراقية إلى العنف والظلم والمحاربة والتفرقة المذهبية وعند احتلاله من الفرس كانوا يتقربون وينحازون إلى الطائفة الشيعية على حساب الطوائف الأخرى وبالضد والكراهية والعداء للطائفة السنية وإذا سيطر العثمانيون على العراق يقربون وينحازون إلى طائفة السنة وبالضد والكراهية والعداء إلى طائفة الشيعة أما الاستعمار البريطاني فكان هدفه استغلال العراق لثرواته وخيراته وكان يتقرب وينحاز إلى الاقطاعيين والرجعيين والطبقات العليا يتخذ منهم قاعدة لحكمه العميل في العراق وكان من صميم سياسة الدول الأجنبية (فرق تسد) أي إشعال نار الفتنة والعداء والصراع بين جميع طوائف العراق المختلفة التي يتكون منها الشعب العراقي مشغولة في صراعها ومشاكلها كي تكون بعيدة ولا تفكر بقوى الاستعمار التي يحتل بلدها وينهب خيراته وثرواته … وتحضرني الآن قصة عن أساليب الاستعمار البريطاني في الهند في إشعال نار الفتنة بين طوائفه الكثيرة والكبيرة عندما كان الزعيم الهندي مهاتما غاندي يناضل ضد الاستعمار البريطاني والعمل على توحيد صفوف الشعب الهندي ضد الاستعمار البريطاني وفي أحد الأيام سعى لتصالح وتوحيد الطوائف الهندية من خلال تجمعهم في أحد الأماكن العامة وعقد الصلح والتوافق بينهم وفي ليلة الاحتفالية ذهب أحد أزلام السفارة البريطانية إلى معبد الهندوس وأغرى برشوة كبيرة حارس المعبد الذي كان فيه أحد التماثيل الكبيرة التي كان يعبدها الهندوس وطلب من الحارس سكب الكثير من الماء على التمثال وعندما يأتون في الصباح زعيم طائفة الهندوس وشخصياتهم أخبرهم بأن التمثال قضى الليل كله يبكي وهذه المياه دموعه ويقول سوف يتصالح الهندوس مع المسلمين وسوف يقضون علي وينهوني بالتهديم لأن الإسلام ضدي وفي الصباح جاء زعيم الهندوس وعدد كبير من طائفته من أجل أن يتجمعوا ويذهبوا إلى المكان بحضور الزعيم غاندي وتتم المصالحة بين جميع الطوائف ضد الاستعمار البريطاني، وعندما استمعوا إلى كلام الحارس عن بكاء التمثال أغاضهم ذلك وأثار في نفوسهم الحقد والعداء على المسلمين فحملوا الأسلحة وهجموا على الجامع الذي يتجمع فيه المسلمين وحدثت مذبحة كبيرة ذهب ضحيتها المئات من المسلمين والهندوس وفشل الذي كان يرغب به غاندي وعادت الفتنة والبغضاء تنخر الشعب الهندي وتحققت إرادة الانكليز في شعارهم (فرق تسد) وهذا كان هدف الفرس والعثمانيون والانكليز وليس حباً بالشعب العراقي ومن خلال الموضوع يتبين بجلاء أن الشعب يضم جميع الطوائف وهذا يعني أن الشعب أكبر من الطائفة التي تمثل الكتل والأحزاب السياسية .. لأن الشعب يمثل الكل والطائفة والقومية تمثل جزء من الشعب فهو يعتبر الكتلة الأكبر.. كما أن الاستعمار في أحوال وظروف معينة لا يحكم الوطن والشعب للدول الأخرى بشكل مباشر وإنما يحكم ويحمي مصالحه عن طريق غير مباشر من خلال عملائه بواسطة توجيههم وإرشادهم ودائماً العميل الذي يرتبط بدولة أجنبية يتعاطف وينحاز إلى مصالح الدولة الأجنبية وينقذ مصالحها على حساب شعبه ووطنه ويتفانى من أجلها كما كنا نلمسه في عهد العراق أثناء حكم البلاط الملكي والحكام والعملاء الذين كانوا يجسدون المصالح الأجنبية على مصالح وطنهم وشعبهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى