مجتمع

الأسرة لنحافظ على جواهر الضروريات شعار الملتقى السنوي لسنة 2024 للمسجد الكبير بستراسبورغ.

إن شأن الأسرة في الإسلام شأن عظيم، فهي الأساس الذي بقدر ما يكون راسخاً متيناً، يكون صرح المجتمع وبناؤه شامخاً منيعاً، لما يختزنه من عوامل القوة والحيوية والنماء. ومن ثم كانت العناية بمؤسسة الأسرة عناية بالغة وفي غاية الدقة والشمول. فالأسرة ليست مجرد إطار عادي، يتصرف فيه كل عضو بمحض حريته وإرادته، بل هي إطار تحكمه ضوابط وتسيجه الأحكام التي ترتب على الزوجين وظائف ومهام مقدسة، تتمحور حول غاية سامية كبرى، هي الحفاظ على استمرار وجود متماسكً قوي، قادراً على أداء رسالته الحضارية.

لتؤدي الأسرة وظائفها وتضطلع برسالتها، لابد أن تقوم على دعائم وأسس، تظل في غيابها كياناً مهزوزاً قابلاً للنقض في أي وقت وحين.

لقد ظلت الأسرة قلعة شامخة وحصناً منيعاً حينما كان قوامها التربية والأخلاق.

عرفت الأسرة اهتماما كبيرا من مختلفات التشريعات السماوية والوضعية قديما, فقد أولتها الحضارات القديمة عناية كبرى لدورها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، مما يؤكد إجماع العقلاء على أهمية الأسرة ومركزيتها في الاجتماع الإنساني، لكن مستويات الاهتمام ومعالم التصور تختلف بحسب جملة محددات.

وقد إعتنى القرآن الكريم بالأسرة، ولا أدل على ذلك من الآيات التي خصها بها, إذ حرص الشرع الحكيم على تنظيم العلاقة بين أفراد الأسرة، سواء على المستوى التشريعي أو السلوكي والأخلاقي، وفصل في شأنها القرآن تفصيلا دقيقًا، ولم يترك مجالا كبيرا للبيان النبوي أو النظر الاجتهادي، ذلك أن حفظ الأسرة حفظ للدين والإنسان وتوجيه لمسار العمران.

أسس بناء ضروريات الأسرة السعيدة:

يقوم بناء الأسرة في المجتمع على مجموعة من الأسس التي حث عليها هي المودة، والرحمة، وغض البصر، وبر الوالدين، والصدق، والأمانة، وأعظم أساس لصحة بناء الأسرة الصدق, لأن المؤمن لا يكذب؛ فالكذب هو العامل الأساسي في دمار الأفراد والأسر والمجتمعات .

دور الأسرة في التربية الصحيحة:

تتفق النظم التربوية على أهمية الأسرة في تربية أبنائها وأفرادها، وعلى دورها الكبير في ذلك، وهي تعدها المؤسسة التربوية الأولى المؤثرة في تربية الطفل، وتكوين شخصيته المستقبلية، والتربية تتفق مع تلك النظم التربوية في ذلك، ولذا نجدها تولي اهتماماً كبيراً بتكوين الأسرة وبنائها في المجتمع، وحيث إن التربية تريد من الأسرة أن تكون مؤسسة تربوية، وليس مجرد مؤسسة تربوية لا تقيم أهمية لما سيكون عليه أبناؤها وأفرادها، جعلت التربية من وظائفها تربية أفراد المجتمع الكبار والمسؤولين عن تكوين الأسر على معرفة المبادئ والمعايير والأحكام التي ينبغي أن تراعى في تكوين الأسرة، ولتكون بالتالي مؤسسة تربوية صالحة لتربية الجيل من الأطفال والناشئين، وذلك بتعريف مؤسسي الأسرة الوالدين بوظائفهما، وواجباتهما التربوية تجاه أولادهم، والناشئين تحت رعايتهم. إن التربية لا تعد الأسرة مؤسسة تربوية صالحة إلا إذا روعي في بنائها بالتوجيهات، والمبادئ السليمة.

  • المحافظة على جعل الأسرة مؤسسة تربوية:

فالطفل مخلوق حساس، وقابل للتأثر والتشكيل من خلال المؤثرات التي تحيط به أو يتعرض إليها، ومن أولها البيئة الأسرية بجميع مكوناتها وعناصرها البشرية والمادية والمعنوية، لذا ينبغي أن تربط جميع تلك العوامل والمؤثرات التربوية في الأسرة، وهذا يعني أن يرتبط بها كل من يشرف على شؤون الطفل من مربين ومعلمين وكل ما يقدم له من الأهازيج والأناشيد والقصص والحكايات، ومبادئ العقائد والعبادات والآداب والعادات، ما يؤثر فيه من مجلات وصحف وكتب، وصور ورسوم، وإذاعة وتلفاز وأفلام وغير ذلك.

  • المحافظة على فطرة الطفل السوية:

إن نجاح الأسرة في وظيفتها الأولى يساعدها في نجاحها في وظيفتها الثانية المحافظة على فطرة الطفل السوية من الانحراف أو التشويه في أية مرحلة من مراحل نموه مرحلة الولادة والرضاعة، أو مرحلة الحضانة والطفولة المبكرة، أو مرحلة الطفولة المتأخرة أو دخول المدرسة الابتدائية وهكذا.

فما أحوجنا جميعاً في وقتنا الحاضر أن نتعرف على دور الأسرة في التربية الصحيحة، وأن نعمل على بناء أسرنا في ضوء المبادئ والتوجيهات.

الــحـــــدث:

الحدث السنوي للمسجد الكبير لسنة 2024 إنعقاد مؤتمره السنوي بحلة جديدة هاته السنة مميزة في طبعته 42 الثانية والأربعين, منذ تأسيسيه أول مرة و ترسميه بصفة دائمة منذ تاريخه سنة 1982.

في إطار إختتام حصيلة النشاطات السنوية للمسجد الكبير المبرمجة أجندتها لسنة 2024, عاشت الجالية الإسلامية والعربية قاطبة وعموم الجمهور من مختلف الفئات وفعاليات المجتمع المدني، على مدار ثلاثة أيام كاملة فعاليات الملتقى السنوي. والذي يعد حدثا هاما بالنسبة لمسلمي فرنسا والدول الأوروبية، إذ يجمع العديد من كبار العلماء، والأئمة، والدعاة، والمفكرين، الذين يتوافدون عليه من شتى الجهات والدول الأوروبية والعربية.

تحضيرات وترتيبات:

تأهبت إدارة المسجد على مدار أيام بتحضيرات وجلسات مكثفة وإجتماعات تنسيقية بين اللجان المكلفة بالتنظيم ورؤساء الجلسات العلمية لمناقشة البرنامج النهائي للمؤتمر، وفريق الشباب المتطوعين إناث وذكور طيلة أيام المؤتمر والسهر على خدمتهم ومرافقتهم. ومن بين أبرز فقراته الترحيب بجميع الزوار وإستقبالهم داخل حرم المسجد في عموم أركانه.

مدة المؤتمر:

شهد المؤتمر السنوي للمسجد الكبير لهذا العام 2024 , مدة ثلاثة أيام كاملة بصباحها ومساءها ولياليها, مدة مميزة أيام -24-25و26 ديسمبر 2024.

الهدف من المؤتمر:

يهدف المؤتمر حسب ما علمنا أنه جاء لتحقيق فهم أفضل وإستيعاب واضح لمفهوم الإسرة وأهميتها ومتطلباتها من وجهة النظر الشرعية والقانونية. بالإضافة إلى سبل الرقابة والإشراف على مراقبة الأسرة وضمان التربية الصحيحة السليمة الخالية من كل عيب.

فهرس برنامج الملتقى ومجرياته:

تضمن برنامج المؤتمر السنوي للمسجد الكبير, الذي إنعقد هذا العام كما سلف تحت شعار الأسرة لنحافظ على الضروريات الأساسية, العديد من المحاضرات والورشات والندوات التي يتحدث من خلالها عددا من كبار العلماء والمشايخ.

اليوم الأول:

إفتتح المؤتمر بتلاوة عطرة شنفت مسامع الحاضرين وكلمة ترحيبية ألقاها الأستاذ سعيد علا رئيس مسجد ستراسبورغ الكبير مرحبا بالجميع مشايخ ومحاضرين وضيوف وعموم الحضور وبها إعلان إعطاء إشارة إنطلاقة المؤتمر الفعلية.

تأطير ومرافقة تنشيط و ترجمة:

رافق المحاضرين والمتدخلين كل من الثاني الأستاذة حبيبة العبقري و الأسناذ الشاب الصاعد المتحمس اليافع إبراهيم فنزوي في الترجمة لإيصال المعلومة لهموم الحضور من الجمهور و متتبعي المؤتمر عن بعد,

المحاضرة الإفتاحية:

تشرف المؤتمر بإلقاء فضيلة الشيخ الأستاذ شتوي محمد بتنشيط المحاضرة الإفتاحية الأولى,

اليوم الثاني الفترة الصباحية:

نشط الفترة الصباحية لليوم الثانية المحاضرين كل من الأستاذة الكنور ايلدي اسيدي عالمة السوفرولوجيا, متخصصة في التوازن الأسري. تدعم الأفراد في إدارة التوتر والبحث عن التوازن داخل الأسرة بعنوان: عائلة للتواصل المليء بالعواطف

وعقبها الأستاذة طاهيري محمد, إطار ناشط في الميدان, مرشد ديني عسكري وإمام ومدير جمعية نادي الشعبي، يعمل في مجال دعم الأسرة والتعليم بستراسبورغ, محاضر بعنوان: التواصل غير العنيف بين الوالدين والأطفال.

الفترة المسائية:

نشك الفترة المسائية كل من الأستاذ الشيخ بن غالب الحسين, عالم إسلامي باحث ومحاضر, رئيس مؤسسة الإسلام في فرنسا مؤلف لعديد الكتب, منشط حصه أسلة في الإسلام بفرنسا ثقافة عضو مجلس حكماء العلمانية ,محاضرة بعنوان: الأسرة المسلمة أسئلة معاصرة.

والأستاذ محمد شتوي, مستشار فقهي متخصص في الشريعة الإسلامية, بجامعة الزيتونة بتونس. محاضرة بعنوان: النماذج الأسرية في القرآن.

اليوم الثالث, الفترة الصباحية:

نشط الفترة الصباحية لليوم الثالث كل من الأستاذة فيرجيني لوبليكو: طبيبة نفسانية إكلينيكية، معالجة عائلية, مديرة فضاء صحة العائلة ببروكسل بلجيكا, محاضرة بعنوان: الممارسات التربوية التي تخدم إمكانات الطفل.

والأستاذ إلياس أمرار: عالم إسلامي باحث ومحاضر وقامة علمية مرموقة ببحوثه وأعماله الاكاديمية, محاضرة بعنوان: التربية الدينية في العصر الرقمي.

مائدة مستديرة:

واختتم نشاط اليوم الثالث بمائدة مستديرة نشطها الثاني كل من الأستاذين إلياس أمهرار ومحمد شتوي, بعنوان: الأسرة لنحافظ على جواهر الضروريات.

تكريم الأطفال الفائزين في مسابقة أرسم عائلتي:

وختامها مسك إعلان عن أسماء الأطفال الفائزين في مسابقة أرسم عائلتي , إلى التي خصصت هاته السنة للبراعم من فئة 7إلى12 سنة والتي لقيت مشاركة وساعة ومبهرة في جو تنافسي برسوم وأشكال تعبيرية. تتطلب عديد الدراسات لا سيما النفسية, تكريمات في جو مفعم بالفرحة والسعادة والبهجة والسرور على وجوه الأطفال وعائلتهم وأسرهم وعلى ين و عموم الحضور. وعلى أنغام المدائح من روائع فرقة راحة الأرواح السورية بقيادة الأستاذ ياسين باطية كعادته وما جاد به من أروع روائع الطرب العربي الأصيل, من أناشيد ومدائح روحانية وبالتكريمات والهدايا لأطفال الفائزين. وبالصور التذكارية والتهاني. أسدل الستار على الطبعة 42 للملتقى السنوي, بكل فرح وسرور على نجاحها بكل المقيس والمعايير و برضا وفرحة الجميع.

الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ فرنسا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى