اعلان الحق في التنمية

ماجد الزاملي
وقد ساهم تبني إعلان الحق في التنمية بشكل كبير في التطور النظري لمفهوم التنمية، حيث كانت فيه التنمية تعنى بتحقيق نمو اقتصادي أو ارتفاع في دخل الفرد السنوي واعتبار الإنسان على أنه عنصر من عناصر عملية التنمية. . لقد أعطى إعلان الحق في التنمية حقوق الإنسان مضمونا جديدا، فقد عكس حق الشعوب التي تحررت من الاستغلال والاستعمار، حق السيطرة على مواردها وخيراتها وثرواتها الطبيعية، في سبيل تنمية مجتمعاتها وتطويرها على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. فارتبط حق التنمية تاريخيا بصراع التحرر من الاستعمار وبذلك فهو مرتبط بحق تقرير المصير. إن شعوب الدول النامية تحتاج إلى إعمال الحق في التنمية في بلدانها ، من خلال سيطرتها على مواردها وثرواتها الطبيعية، يتطلب وضع سياسات تنموية تستند أساسا إلى تشريع قوانين وتشريعات تنموية، إضافة إلى ضرورة أن يشكل الدستور وثيقة تنموية عامة، ينطلق منها واضع السياسة في وضع خططه التنموية بناءً على الواقع وأولوياته. ساهم تبني إعلان الحق في التنمية بشكل كبير في التطور النظري لمفهوم التنمية، حيث كانت فيه التنمية تعنى بتحقيق نمو اقتصادي أو ارتفاع في دخل الفرد السنوي واعتبار الإنسان على أنه عنصر من عناصر عملية التنمية. لا تنمية مع التبعية وتحرير الإرادة الوطنية، وحيث ان الاندفاع غير المدروس وغير المسبوق باستعدادات كافية للاندماج في الاقتصاد العالمي يمكن ان تكون مخاطره كبيرة، لدرجة الإطاحة بالاقتصاد الوطني. وضرورة وضع سياسات للنهوض بالتعليم والقدرات العلمية والتكنولوجية حيث اصبح اطراد التنمية واكتساب مزايا تنافسية رهنا بتوافر قوى عاملة متعلمة وماهرة وبتوافر قاعدة وطنية متينة للعلم والتكنولوجيا. وثمة حاجة الى سياسات للمحافظة على البيئة وصيانتها في سياق التنمية. حيث لم يعد يجدي تأجيل التعامل مع قضايا الموارد الطبيعية ومشكلات التلوث وما اليها الى مراحل متقدمة في مسيرة التنمية، واخيرا ثمة حاجة الى سياسات لاعادة تصحيح الهياكل والمؤسسات القائمة واستحداث هياكل ومؤسسات جديدة تعمل كقنوات توصيل وتفعيل للسياسات المراد تنفيذها، وتكفل المشاركة الشعبية والإرادة السليمة والحكم الجيد بكل مقوماته التي لا بد من توافرها. تتحمل الدول الفقيرة العبء الأكبر من تبعات المشاكل البيئية من تلوث الهواء والماء و تستطيع الدول الغنية ضمان الحصول على بيئة وصحة أفضل لهم ولشعوبهم. مما يفاقم هذا التوزيع غير العادل للمشاكل البيئية حقيقة أن الفقراء دوليا ليسوا المتسببين في التلوث حيث أن معظم التلوث والتدهور البيئي ناتج عن تصرفات الدول الغنية ذات الاستهلاك المرتفع وخاصة الجماعات الرأسمالية فيها. ترتبط التنمية المستدامة التي تبنتها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية منذ قمة وإعلان ريو دي جانيرو الصادر عن مؤتمر قمة الأرض في البرازيل في 12/6 -1992 والذي جاء بما نصه: ” يجب إعمال الحق في التنمية على نحو يكفل الوفاء بشكل منصف بالاحتياجات الإنمائية والبيئية للأجيال الحالية والمقبلة. وبالتالي لا بد من الاشارة الى ان التنمية ليست عملية مجزأة او احادية الجانب. لا بل هي عملية شاملة تتناول كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي في الاساس حق من حقوق المواطن على الدولة والمجتمع . والتي تركز بدرجة أكبر على ضمان الحصول على نوعية حياة أفضل بأسلوب عادل ومتساو مع العيش ضمن حدود النظم الداعمة. إلا أن هذه الاستدامة وبرغم أهميتها ليست كافية، فالمجتمع المستدام حقا هو ذلك الذي تكون فيه القضايا الأوسع مثل الاحتياجات الاجتماعية والرفاه الاجتماعي والفرص الاقتصادية مرتبطة بشكل تكاملي مع القيود البيئية المفروضة. فالديمقراطية لن تقوم و تترسخ بمجرد مساعدات على وضع دساتير جديدة و إقرار التعددية الحزبية أو مراقبة الانتخابات… رغم أهمية هذه الإجراءات، دون تمتع المواطنين إضافة إلى حقوق المشاركة، بحد أدنى من الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية لإرساء طبقة وسطى متعلمة قادرة على ممارسة حقوق الديمقراطية و الدفاع عنها و ممارستها و تنميتها. مع كل هذه الإشكاليات المختلفة، لا تزال الدول النامية والأقل نمواً يحدوها الأمل بإعمال الحق في التنمية وتطبيقه على أرض الواقع وفق ما نص عليه إعلان الحق في التنمية من مبادئ، وتنظر إلى الحق في التنمية بوصفه فرصة مواتية لإيجاد نظام دولي يخدم مساعيها لتحقيق التنمية. كما تطالب هذه الدول عبر مشاركاتها في النشاطات الأممية المتعددة الأطراف بتحقيق (تعزيز المشاركة الدولية من أجل التنمية)، وهي الهدف من الاهداف التي وضعتها الأمم المتحدة، والتي من بينها القضاء على الفقر والجوع ونشر التعليم . أن احترام حقوق الإنسان لا يعتبر انحيازا سياسيا، سواء بتشجيع الأنظمة الملتزمة بالقانون وتحترمه ، أو بالتصويت ضد منح قروض للأنظمة المنتهكة لحقوق الانسان، فهذا لا يتناقض مع المواثيق الاممية . ومن ثم يمكن القول أن المشكلة الأكثر وضوحا في هذا المجال تتمثل في التنامي المفرط للنشاطات الإنسانية لاستغلال موارد الطبيعة في مقابل القدرة المحدودة للانتاج للإيفاء بتلك النشاطات. ولذا فإن أحد أفضل التعريفات العملية الملائمة “للاستدامة” يمكن أن تتمثل في “تحقيق الحد الأعلى من الكفاءة الاقتصادية للنشاط الإنساني ضمن حدود ماهو متاح من الموارد المتجددة وقدرة الأنساق الحيوية الطبيعية على استيعابه” مع ربطها باحتياجات الجيل الحالي والأجيال القادمة، بشرط أن تكون تلك الاحتياجات مما لا يلحق تهديدا جديا بالعمليات الطبيعية، والمادية، والكيميائية، والحيوية. أي أن هناك قيدا مزدوجا على التنمية المستدامة: يرتبط جانب منه بأداء العمليات الطبيعية، أما الآخر فيتعلق بالإيفاء بالاحتياجات الموضوعية، فضلا عن الاحتياجات الإنسانية الحالية والمستقبلية كلما كان ذلك ممكنا. ولتحقيق هذا الأمر فإنه لابد من العمل على تعظيم إنتاجية الموارد من جهة وتقليص العبء الذي تتحمله البيئة من جهة أخرى.