احمد الريسوني يريد حرق ما تبقى من ارض العرب
محمد رضا عباس
الفتاوى الدينية من خارج الحدود كانت هي السبب في اشعال الحرب الاهلية في العراق . عدد من أئمة السوء تطوعوا لبث سمومهم , فكانت نتائجها استشهاد مئات الالاف من العراقيين وترمل اكثر من مليونين امرأة , و أطفال يتامى قدر عددهم خمسة ملايين . الخسائر المادية لهذه الفتاوى قدرت ما بين 200 و250 مليار دولار , وهو مبلغ ليس بالصغير , خاصة وان البلد يعاني من ازمة سكن , ازمة طاقة, وأزمة خدمات . واهم من كل هذا , فان العراق قد خرج من محور المقاومة ضد إسرائيل , بعد استهلك جميع قدراته العسكرية في الحروب مع القاعدة وداعش , إضافة الى الضائقة المالية التي ابتلى بها منذ منتصف عام 2014.
دولة أخرى اخرجتها فتوى السوء والفتنة من محور المقاومة , هي سوريا. العراق وسوريا ومصر كانوا من الدول التي تحسب لها إسرائيل الف حساب . الا ان الفتاوى التي جاءت من خلف حدود سوريا أحرقت سوريا وشردت أهلها وقتلت ما لا يقل عن نصف مليون سوري وخربت ما يقارب نصف المدن السورية . لقد كشفت فتوى الجهاد في سوريا كل خبث المفتين و غاياتهم ومن ورائهم .لقد كانوا وحوش كاسرة في ثوب حمل وديع . احدهم يفتي بإجازة المقاتلين ضد النظام السوري من غير المتزوجين او من المتزوجين الذين لا يمكنهم ملاقاة زوجاتهم بأبرام عقود نكاح شرعية مع بنات او مطلقات لمدة قصيرة لا تتجاوز الساعة “. واخر يدعو كل من يقدر ” بضرب السيف والمدفع , من عنده قدرة على مقاومة هؤلاء (الشيعة) ويجد السبيل ميسرا , يجب ان يذهب لسوريا”. واصدر 52 عالما من علماء ودعاة المملكة العربية السعودية بيانا اعتبروا فيه ” ان التحالف الغربي-الروسي مع الصفوية والنصيرية حرب حقيقية على اهل السنة وبلادهم وهويتهم”. لقد وجدت هذه الفتوى من يصدق بها وأجتمع من حولها الالاف من كل حدب وصوب يأخذهم الامل بأسقاط النظام السوري او 72 من حور العين . عشرة سنوات من الحرب قصمت ظهر سوريا وأصبحت ليس لها قدرة الوقوف ضد العدوان الصهيوني المتكرر على أراضيها . والغريب ان من اطلق الفتوى لم ينطق بحرف واحد عن ما أصاب السوريين من فقر وتهجير وقتل وظلم , نسوهم بالمرة . ولم تطلق منهم كلمة ولو واحدة تندد بالعدوان الصهيوني والذي اصبح تقريبا كل يوم ضد مواقع سورية . لقد انجزوا المهمة بكل اقتدار , وهي تحييد قوتين عظيمتين كانتا تقف في وجه إسرائيل بدون ان يسقط من المكون جندي واحد . اليس هذا يعطيك الف سبب بان هؤلاء ” المتدينين” ما هم الا جيش احتياطي ساكت وينتظر الوقت المناسب ليقوم بدوره التخريبي؟
هذه المرة , يدخل علينا متدين اخر يريد ان يحرق شمال افريقيا , انه رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين , “العلامة” احمد الريسوني . هذا الدعي قال في مقابلة مع موقع ” بلانكا ابريس” , ان ” وجود ما يسمى بموريتانيا غلط “, وان ” قضية الصحراء الغربية و موريتانيا صناعة استعمارية”. وقال أيضا عن استعداد المغاربة والعلماء والدعاة المغرب ” للجهاد بالمال والنفس”, و ” الزحف بالملايين ” الى مدينة ” تندوف” الجزائرية. الدعوة رفضت بشدة من قبل هيئة علماء موريتانية وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين . الموريتانيون وصفوا دعوة الريسوني ” مريبة , وغير ودية , ومستفزة”, فيما وصف الجزائريون الريسوني ” عالم المقاصد وقع في المفاسد”.
الريسوني رجل دين مغربي , ولكنه لم يتخلى عن توجهات دولته , وهو يقود مؤسسة تضم ما يقارب 95 الف رجل دين من مختلف الشعوب والطوائف , وبذلك كان من المفروض بالشيخ ان يحترم نفسه ومنصبه والتي من اهم واجباته هو حماية الدين , حماية دم وعرض المسلمين , وحماية مدن الإسلام من الهدم والخراب . هل يعلم هذا الرجل المحسوب على الإسلام , ان اكبر نسبة من المهاجرين في العالم اليوم هم من المسلمين ؟ هل يعلم ان الخسائر المادية للعراق وسوريا من العمليات الإرهابية قد تجاوزت 500 مليار دولار؟ هل يعلم ان عدد من استشهد وجرح في سوريا والعراق ما يقارب المليونين من البشر , معظمهم من المسلمين . ماذا يريد هذا الشيخ ؟ هل يريد ان يفجع قلوب الجزائريين بأكثر ما فجعوا به من حرب 1990؟ اليس من واجبه ان يدين حكومة ملكه ” المعظم” الذي عبر كل الخطوط الحمراء في التطبيع مع دولة الصهاينة ؟ اليس من واجبه وهو يدير اكبر مؤسسة إسلامية في العالم حث المسلمين بإدانة العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين؟ هل الوقت هو وقت مناكفات سياسية والعالم مشغول في الحرب في اكرانيا؟ هل فكر حضرت الشيخ كم سيكلف الشعب المغربي من دعاة والعلماء وهم يزحفون نحو مدينة ” تندوف”؟ اليس الحدود بين بلدان المنطقة قد رسمت وأصبحت قانون معترف به دوليا؟ لماذا يريد هذا الشيخ الرجوع الى التاريخ الغابر و ان فلسطين احتلت بالأمس القريب ؟
العرب , بكل اسف, ابتلوا بطبقة محسوبة على الدين وسببوا لها البلاء والشقاق من خلال فتاوى جهادية ليس لها علاقة بالدين بقدر علاقتهم بأولياء امورهم ومن اجل تحقيق مكاسب سياسية ليست بالضرورة تنفع الشعوب العربية . هؤلاء لا يستطيعون ان يطلقوا حتى ابتهال الى الله بنصرة الشعب الفلسطيني , فكيف نتوقع منهم اطلاق فتوى للجهاد في فلسطين لتحريرها , ولكنهم جاهزون لأطلاق أي فتوى تمزق الدين والدنيا على أي بقعة في دول الإسلام وحسب طلب سادتهم .