أحوال عربية

إن فعلها الأسد وقرر الحضور.. فسيكون “نجم القمة العربية” بالرياض

الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات

أن يحضر الرئيس بشار الأسد القمة العربية التي ستعقد في العاصمة السعودية الـرياض في 19 من مايو الجاري، فإن في الأمر تحولاً مهماً على الصعيد الإقليمي والعربي، فذلك قرار استراتيجي يكرر فيه مدّ يد الوصل والودّ إلى الشعوب العربية، وهو الذي ما برح في مواقفه يكرر الدعوة تلو الدعوة الى إنهاء الخلاف والقطيعة بين أبناء الوطن الواحد وتعزيز الوحدة والتضامن، لذلك فإن مشاركة الرئيس الأسد قد تكون حافزاً كبيراً لرفع مستوى الحضور العام للدفع بزخم إضافي لحدث سيكون تاريخياً بالنسبة الى المنطقة والعالم العربي على السواء.

تشدّ الزيارة المرتقبة للرئيس الأسد من أجل حضور القمة العربية الأنظار باعتبارها الحدث الأهم، ورغم أن دمشق لم تؤكد أو تنفِ هذا الأمر شأنه شأن وزارة الخارجية السورية، فإن الاهتمام بهذه الخطوة أضحى واضحا، لدرجة أن المواطن العربي اعتبر أن الرئيس الأسد سيكون “نجم القمة” حيث سيسرق الأضواء من الجميع، وستنشغل وسائل الإعلام طِوال الوقت برصد تحرّكاته ومصافحاته وأحاديثه ولِقاءاته سواء في السر أو والعلن.

المتجول في العاصمة السعودية هذه الأيام يشاهد بكل وضوح الاستعدادات والجهود الكبيرة التي تقوم بها الرياض لاستقبال الزعماء العرب وعلى الأخص الرئيس الأسد، والمتأمل في علاقات سورية بالسعودية يدرك إن السعودية هي دوماً الأقرب إلى سورية، والأقدر على فهم ما يجري فيها، وإنطلاقاً من ذلك يستمر السعوديون على موقفهم المبدئي من علاقة بلادهم مع شقيقتهم سورية، كون كلا البلدين لهما وزنهما وأهميتهما في المنطقة.

قرار عودة سورية للحضن العربي يفتح الباب لحل أزمات دول عربية أبرزها اليمن وليبيا والعراق والسودان، فضلا عن أنه يحد من التدخلات الخارجية في الشأن العربي، كما إن هذه العودة ضرورة لمواجهة التحديات التي يواجهها العرب في ظل المخاطر والحروب التي تنشب في عدد من المناطق.

اليوم إن الآمال معلقة على هذه القمة في التعامل مع عـدة ملفات من أهمها المصالحة العربية وحـل القضية الفلسطينية، بالتالي أن تحقيق هـذه الآمال رهن بمدى تـوافـر الإرادة السياسية في استغلال القمة في المصالحة العربية وبصفة خاصة عودة محور الرياض- القاهرة- دمشق إلـى سابق عهده فـي قـيـادة العمل العربي المشترك مع كافة الأقطار العربية المؤثرة الأخرى.

وهنا تأتي الأهمية القصوى لقمة الرياض في ذلك التوقيت الذي يهدف ليكون بمثابة لم شمل العرب من جديد والتوجـــه نحـــو رؤيـــة جديدة، يكـــون أهمها انقاذ ما يمكن إنقاذه، وتراهن الحكومة السعودية على أن تكون القمة العربية المرتقبة من أنجح القمم العربية حتى قبل انعقادها، وذلك قياساً على نوعية الحضور المرتقب،

وتتعامل السعودية مع هذا المعطى الإيجابي على أنه رهان كسبته بالنظر لحالة الانقسام في الصف العربي والخلافات الحادة بين العديد من الدول العربية.

بالتأكيد سيكون الأسد نجم المؤتمر بلا منازع، ويستطيع أن يخطف الأضواء منذ وصوله الرياض وهذا يشكل رسالة مثلثة الأبعاد، الأولى إلى قطر التي هي على عداء حالي مع سورية بعدما كانت تعارض بقوة إعادة سورية إلى الجامعة العربية، والثانية إلى العالم العربي، فدمشق أثبتت بدخولها من جديد وبهذه الطريقة إلى الجامعة أنها تملك أوراق قوة فيها، والثالثة إلى أمريكا وحلفاؤها، وفحواها أن سورية استطاعت كسر الحصار المفروض عليها انطلاقا من البوابة السعودية.

اليوم تتخطى سورية الظروف المعقدة إذ أصبحت الكرة الآن في ملعب دمشق، فالمشهد الذي تشهده سورية يؤكد بأن المشروع الغربي”الشرق أوسط الجديد” يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً على أبواب دمشق، وأدلة الفشل على ذلك كثيرة، بدءاً بسقوط وفشل جميع العمليات الإرهابية في تحقيق أي أهداف أو مكاسب سياسية، وأن مشروع تقسيم سورية تحت وهم إرساء الديمقراطية قد إنهار بعد أن إنكشفت كل خيوط اللعبة ورأى العالم ما يجري في المنطقة، لذلك فإن الجيش السوري يحقق إنتصارات قوية على أرض الواقع، فهذه الإنتصارات صدمت الأمريكيين والأوروبيين وحلفاؤهم من العرب الذين تفاجئوا بحجم القوة الكامنة لدى الدولة السورية.

مجملاً…يبدو أن أعداء سورية لم يتعلموا الدرس بعد، ولم يستوعبوا المتغيرات التي حدثت في الشارع السوري على مدى السنوات الماضية، كما لم يستوعبوا جدية الجيش السوري في إنذاراته، ما حدث في سورية من تغيرات متسارعة كانت رسالة جديدة لكل من يعنيهم الأمر، تقول ان سورية تمضي نحو الأمن والإستقرار، وأنها طوت صفحة الفوضي إلى غير رجعة، ولا أحد يستطيع خداعها مرة أخرى، لم تكن فقط رسالة للداخل وإنما أيضاً رسالة للخارج، هؤلاء الذين راهنوا على القوى المتطرفة والمجموعات المسلحة، وظنوا انهم قادرون على إسقاط الدولة السورية وتقسيمها، فالسؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا هو: هل يراجع أعداء سورية مواقفهم ويعيدوا حساباتهم مع دمشق؟، أياً كانت الإجابة فسورية ماضية في طريقها، قادرة بصمود أبنائها وجيشها على تجاوز المستحيل.

وأخيراً، إن الحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين بأن هذه المرحلة ستكون مليئة بالمغامرات والمفاجآت، فالمنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة ستؤسس توازنات وتحالفات جديدة، وها نحن نعيش إنتصارات سورية وتراجع أعدائها بعد سنوات من الفشل والهزائم المتكررة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى