إلى السائرين في الطريق إلى الله.
إلى السائرين في الطريق إلى الله.
هذه كلمات منثورة فيها تذكير بوقفات إيمانية، لعل الذكرى تنفع.
· حال القلوب: طغت المادة فقست القلوب وجفّت العيون…هل نحس في قلوبنا بجلال الله؟ هل تدمع أعيننا خوفا من ناره وشوقا إلى لقائه وإشفاقا على ذنوبنا؟ واأسفاه ! الدنيا هي كل همّنا لهذا كرهنا بعضنا، نطعن في بعضنا، نؤذي بعضنا، ونحن لدينا رب واحد ونبي واحد وكتاب واحد وقبلة واحدة…ألا نعلم أن القلب المنشغل بحب الله ليس لديه وقت ليكره الآخرين؟…لماذا امتلأت القلوب بالكراهية؟ هذه قلوب لا ينظر الله إليها ولا يُقبل عليها، ومن تخلى الله عنه ضلّ وتاه وخسر…يا ناس القضية قضية القلب السليم قبل كل شيء…القلب الذي يقود صاحبه إلى الاستقامة الحقيقية، يبعده عن الشر ويقحمه في جوانب الخير، القلب الذي يجعل المسلمة تتمسك بالحجاب في زمن الغربة بدل التحجج بالقلب الأبيض وهي متبرجة تصبح على غضب الله وتمسي…وصدق ابن عطاء في حكمته ” ما قادك شيء مثل الوهم “، فإياك أن بلعب بك الشيطان فيرميك في أودية الوهم وأنت تحسب أنك من السابقين السابقين، كما يحدث للغافلين:”قل ليس بأمانيّكم”.
لن تنفعنا المسلسلات والمباريات و الألعاب والميداليات ولا…الأماني، بل ينفعنا الرجوع إلى الله وتزكية نفوسنا ومعالجة قلوبنا وإصلاح ذات بيننا وتسيير حياتنا وفق تعاليم القرآن والسنة.
فيا صاحب الخطايا أين الدموع الجارية؟ أسفا إذا جاءك الموت وما تبت، ماذا تفعل مع الرحيل وأنت ما تهيأت؟ ماذا تصنع بالذنوب التي تملأ صفحتك؟…يا سالك طريق الله اركضْ فإن صعب عليك فهرْول، فإن تعبت فامْشِ، فإن لم تستطع فسرْ حبْوا، وإياك والتراجع.
· حاسبْ نفسك: هذه بعض الأسئلة التي ستطرح عليك يوم القيامة، أجب عنها الآن ليخفّ حسابك بين يدي الله تعالى
- هل تقوم إلى الصلوات الخمس متى سمعت النداء أم تتهاون في ذلك؟ هل تحافظ على الرواتب؟
- هل لديك ورد قرآني يومي؟ أم شغلك فيسبوك ويوتيوب؟ هل تذكر الله تعالى كثيرا كل يوم؟
- هل عوّدت نفسك على الإنفاق ولو بالقليل أم أنك تأخذ ولا تعطي؟ هل أنت سخي أو بخيل؟
- هل لديك حرص على تربية أولادك تربية إسلامية؟ هل هم من عمار المساجد؟ هل هم أصحاب اخلاق؟
- إذا كان والداك على قيد الحياة هل أنت بار بهما؟ هل تقبل رأسيهما؟ هل تطلب منهما الدعاء؟ وفي حال الموت هل تدعو لهما وتتصدق عليهما؟ هل تتذكر إحسانهما إليك وتعبهما من أجلك؟
- هل تحرص على العيش من الحلال و ترفض المال الحرام مهما كان نوعه ومصدره أم أنك لا تبالي بذلك؟ كيف حالك مع الرشوة والاختلاس؟ تذكّر “كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به”.
- هل أنت إيجابي تحاول فعل الخير ما استطعت؟ كيف حالك مع أقاربك وجيرانك وزملائك؟
- هل تحس بإخوانك المسلمين أينما كانوا؟ هل تتألم وتفرح معهم أم أن اهتمامك يقتصر على اخبار الكرة؟
- هل تكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
- أسئلة قليلة من بين أسئلة أكثر وأخطر وأعقد.
· وهذه أيضا أعمال صالحة، فلا تحقرها:
- – ارفع قطعة الخبز المرماة على الأرض، ضعها في مكان ليأكلها حيوان أو طائر.
- – ارفع أي ورقة مكتوبة بالعربية وأبعدها عن دوس الأقدام، تعظيما للغة القرآن ولغة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعل فيها آية أو حديثا.
- – إذا طهت زوجتك طبقا لذيذا اشكرها، وبارك صنيعها، عبّر لها عن مشاعر الامتنان، بدل الانتقاص منها والاستهزاء بها…بهذا تشيّد بيتك ولا تخرّبه.
- – تغافل قليلا عن فيسبوك ولازمْ أبناءك، احكِ معهم، لاعبْهم، اضحك معهم.
- – أما إذا لم تستطع فعل أي شيء مما تقدم فراجع إيمانك فإنه قد بَليَ كما يبلى الثوب…لا تحقرن من المعروف شيئا”…(رواه مسلم).
· التربية الراقية: ذكروا أن السيد المسيح مرّ هو والحواريون على جيفة كلب فقالوا: ما أنتن رائحته، فقال لهم: انظروا إلى بياض أسنانه.
أراد نقلهم من الاستغراق في المنظر السيئ إلى إبصار ما هو جميل…هكذا تكون تنشئة النفس الطيبة.
وكان يمشي معهم فاعترض طريقهم خنزير، ففسح له الطريق وقال له: مرّ بسلام، فقالوا له: تقول هذا لخنزير؟ فقال: لا أريد أن أعوّد لساني النطق بالسوء.
وعندما جاءه “رجال الدين” الذين نصبوا أنفسهم ناطقين باسم السماء كأنهم يحملون مفاتيح الجنة والنار بالمرأة التي زنت وطلبوا منه رجمها نظر إليهم فرأى أنهم لا ينتصرون لشرع الله وإنها قست قلوبهم وأصبحوا يتصرفون كأنهم أرباب، فقال لهم: من كان منكم بلا ذنب فلْيرجمها، فتراجعوا جميعا.
من أقواله عليه السلام: لا تنظروا إلى عيوب الناس كأنكم أرباب وانظروا إلى عيوبكم كأنكم عبيد، فالناس رجُلان: مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء واسألوا الله العافية.
لقد جاء المسيح لبني اسرائيل برسالة الجمال (المحبة والمسامحة والعفو)، وكان موسى قد جاءهم برسالة الجلال ( القصاص)، أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد جاء للعالمين برسالة الكمال التي تجمع بين الجلال والجمال.
عبد العزيز كحيل