إضاءات عن الإنسان في الطبيعة
شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي
- أثمن ما في الإنسان أمران اثنان: العقل والأخلاق.
- العقل هو القوة الإدراكية لدى المرء. ندرك به ونعلم ونتأمل العالم بدقائقه التي نمر بها وتحيط بنا وغير قليلٍ منها في دواخلنا.
- والعقل سيد المواقف ومحرك جبّار للسلوك.
- والعقل هبة طيبة من الكون وخالقه للإنسان.
- لكن وفي حدود الصراع مع الطبيعة وتأريخ هذا الصراع تكونت لدى البشرية أعداد هائلة من قوانين الوجود الطبيعي والتعامل معها ومع تقلبات الواقع المادي والمعنوي.
- هذه القوانين في الحقيقة هي ملك لكل البشر دونما استثناء جغرافي او عرقي او ديني.
- لنلاحظ هنا انه يمكن للتعاليم الدينية ان تتقاطع مع القوانين الطبيعية او تحاول إلغائها لكن الكنز الأكبر والمقدس وأعني به العقل هو الذي سيحسم هذا الصراع سواء لدى الفكر البشري جميعاً او لدى الفرد المعني.
- ان العقل وقوانينه إنما هو حقيقة أزلية راسخة من جهة غير أنها متطورة باستمرار ومتجددة بإضافات التحولات الجزئية والنوعية الجارية على صفحات التاريخ وحركته الرائدة.
- ونصل هنا الى نتيجة ؛ وهي إن الإنسان هو الابن الشرعي للطبيعة الخالدة الأزلية وهو لذلك يكون وجهها الأكثر نوراً وبهاءً وسموّاً.
- ما يجري فيها او عليها وما تتعرض له ينعكس فوراً وبعمق على الإنسان ووعيه وسلوكه.
- وهنا تطل علينا الحالة الثمينة الثانية التي أشرنا إليها في مطلع مقالتنا هذه وهي الأخلاق.
- صحيح جدا أن الأخلاق هي انعكاس للعلاقات الاجتماعية القائمة وهي نتاجها ، لكننا نرفض الصيغة المدرسية لهذا الترابط غير الجدلي بين الطرفين.
- الحقيقة ان كل سلوكية البشر وعلى مر تاريخه الطويل جدا انما كانت وهي كائنة الآن استجابةً لأحكام تطور الطبيعة وشروطها القاسية والرحيمة من جهة والجميلة والقبيحة من جهة اخرى.
- سلوكية البشر طوع للواقع. ويخطئ من يظن ان الواقع هو العلاقات الاجتماعية وحدها.
- انه الطبيعة كلها : المادة والمجتمع في آن واحد.
- سيقول أحدهم ما السبب إذن في تباين الأخلاق بين المجتمعات والشعوب والثقافات.
- الجواب ببساطة: ان التنوع في أجزاء الطبيعة الممتدة على طول الكون ومنه الكرة الأرضية يجعل استجابات المجتمعات المختلفة مختلفة هي الاخرى مما ينعكس على سلوكية أعضائها التي ستختلف بناءً على ذلك عن سلوكية الاخريات من المجتمعات البشرية.
- لكن هناك حقيقتان. وهما:
- ان هناك مشتركات بين هذه المجتمعات تأتي نتيجة وحدة الطبيعة رغم تنوعها.
- والحقيقة الاخرى ان هذه المشتركات تجعل من السهولة بمكان ان تتعلم المجتمعات البشرية من بعضها البعض حين تلاقحها بهذا الشكل او ذاك.
- وهذا ما تؤكده ظاهرة التثاقف وليدة التواصل بين المجتمعات ثقافيا وسلوكياً.
- هل توجد حالات شاذة خارج هذه القوانين؟
- نعم. فلكل قاعدة شواذ. ولكل شواذ علّة بما انه ظاهرة أيضا.
- ويبدو لي ان الانفلات خارج دورة قوانين الترابط الصميمي بين الطبيعة والمجتمع ممكنة جدا ومحتملة وهي علة العلل في السلوك غير الإنساني وغير الطبيعي لدى البعض سواء أكانوا أفراداً او جماعات.