إدمان السلطة ( متلازمة الغطرسة ) ؟
شامل عبد العزيز
في حوار بيني وبين الصديق والأخ رعد الحافظ سألني عن – متلازمة الغطرسة – أو الاستعلاء , كان يشاهد برنامج أجندة مفتوحة من على فضائية بي – بي – سي العربية .
في الحقيقة لم تتاح ليّ الفرصة لكي أشاهد البرنامج المذكور مما جعلني أبحث عن تلك المفردة – متلازمة الغطرسة – او الاستعلاء .
هناك أكثر من متلازمة ولكن المتلازمة التي تهمنا في هذا الوقت هي متلازمة الغطرسة – هي سبب مصائبنا وهي التي أنتجت لنا باقي المصائب – لماذا في النظم الديمقراطية يتم تحديد فترة الحكم ( في الأنظمة الديمقراطية من الممكن آن يكون هناك متلازمة الغطرسة ولكن بنسبة أقل من الأنظمة الشمولية ) حاكم – زعيم – قائد – خليفة – يجلس 40 عاماً على كرسي العرش ,, ماذا تتخيلون أن يفعل – هل التاريخ يخبركم ماذا فعلوا أم لا ؟ من ستالين إلى صدام – ألقذافي – بشار – الخ الطغاة المرضى ؟
ولكن ما هو مفهوم متلازمة الغطرسة ؟
Hubris Syndrome
إن مفهوم «متلازمة الغطرسة» هو مفهوم جديد ينطبق بالأكثر على السياسيين، لكنه يمس أيضاً كل الوظائف المهنية في شتى المجالات كالمؤسسات، البنوك والجامعات…الخ. وقد أوضح اللورد أوين في مقاله كيف أن الحالة العقلية والجسدية تؤثر على صانعي القرار من الحكام والمسئولين، واستعرض تأثير الحالة النفسية والجسدية من خلال مائة عام لجون كنيدي كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية وعوامل إصابته بمرض أديسون وآلام الظهر التي كان يعانى منها، والتي تسببت في استعماله عقاقير ضد الألم، وكذلك المنبهات والكورتيزون، مما كان له أبلغ الأثر في اتخاذه قرارات خاطئة، كما حدث في مشكلة خليج الخنازير من أجل الإطاحة بكاسترو في كوبا. ( نقلاً عن الدكتور أحمد عكاشة ) .
في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب هناك – متلازمة الغطرسة – فكيف في الشرق ؟
كان هناك 3 دورات رئاسية مدة كل منها 4 سنوات ,, بعد الحرب العالمية الثانية تمّ تحديد فترتين رئاسيتين كل منها 4 سنوات أي آن فترة الحكم لا تتجاوز 8 سنوات .
متى سوف يحكمنا رئيس يحكم فقط من 4 – 8 سنوات ؟
يقول الدكتور عكاشة :
وهناك أيضا أمثلة كثيرة بين الحكام العرب وفى أمريكا اللاتينية. ومن هنا نستطيع أن نستنبط العلاقة المباشرة بين ازدياد القوة والاستعلاء وظهور «متلازمة الغطرسة»، وتتلخص أعراض هذا الاضطراب كالآتي: النظرة إلى العالم كمكان لتمجيد ذاته بالالتصاق بالقوة، الأولوية في اتخاذ القرار لتضخيم صورته الذاتية، الاهتمام المبالغ بصورته وطريقة كلامه، استعراض السلوك والكلام على أنه مبعوث العناية الإلهية، خلط وذوبان الذات مع الوطن أو المؤسسة، أي أنه هو الوطن أو المؤسسة، الاستعمال المفرط لكلمة «نحن» عند الحديث، الثقة المبالغ فيها بالذات، احتقار وازدراء آراء الآخرين، واعتبار أن حق مساءلته هو من اختصاص الله أو التاريخ وليس من حق الشعب، الاعتقاد الراسخ ببراءته أمام الله والتاريخ، فقدان التواصل مع الواقع، اللجوء للتوتر والأفعال الاندفاعية، لتحاشى أو تجنب الاستعانة بآراء الآخرين، يخص نفسه بالاستقامة الأخلاقية دون النظر إلى أي اعتبارات عملية، أو التكاليف المادية أو المال، فهو فقط المتحلي بالأخلاقيات، ويتضح الاستهتار وعدم الكفاءة في صنع قراراته. وتعتبر هذه السلوكيات هي المتميزة والمتفردة لهذا الاضطراب، وبالأخص (ذوبان الذات مع السلطة)، (استعمال لقب نحن) (الاعتقاد الراسخ بتبرئته أمام الله والتاريخ)، (اندفاعية القرار)، (الاقتناع بالاستقامة الأخلاقية بغض النظر عن العواقب)، وهذه المحكات غير موجودة حالياً في تصنيف اضطرابات الشخصية في التصنيف العالمي للأمراض النفسية.
هل تريدون أن نستعرض لكم أو نورد لكم بعض الأسماء أمّ أنّ الأمر واضح وجلي ؟
لنكتفي حالياً بالرئيس بشار الأسد , هل هناك صفة مما أوردناه أعلاه لا تنطبق عليه ,, وكيف ؟
هل تعرفون صدام حسين ,, ألقذافي – حافظ الأسد – البشير ؟ ماذا فعلوا بشعوبهم نتيجة إصابتهم بهذا المرض ؟ يكفيكم العراق ,, ونخشى أن يستمر قائد صولة الفرسان السيد المالكي بغطرسته ؟
يستمر الدكتور عكاشة فيقول :
كما يوجد بعض الاضطرابات الشخصية التي إن زادت عن حدها قد تصل إلى «متلازمة الغطرسة»، منها الشخصية النرجسية العاشقة لذاتها، وكذلك الشخصية المستهينة بالتقاليد والأعراف في سبيل الاستمرار في القوة والسلطة المطلقة. وأضيف هنا أنه دائما ما يخفى السياسيون والحكام مرضهم، خاصة في النظم الشمولية وأحيانا في النظم الديمقراطية، خوفاً من أن تكون لذلك آثار سلبية على انتخاباتهم التالية وتتلازم هذه السرية مع فترات حكمهم، خوفاً أن يشوب قراراتهم عدم المصداقية. ويبدو أن الأطباء، الذين يعتنون بالحكام، أمام مشكلة أخلاقية، فهم حسب قسم أبقراط، يجب أن يلتزموا الصمت والسرية، لكنهم أيضاً مسئولون عن وطنهم، خاصة إن كان مرض الحاكم قد يؤثر بالسلب في اتخاذه قرارات، مما قد يؤدى بالوطن إلى كوارث . إن المسؤولية الأولى للطبيب وإخلاصه والقسم الذي أقسمه تضع سرية المريض في المصلحة الأولى. ونذكر هنا كمثال، بمفرمولام، وزيرة خارجية شمال أيرلندا عندما كذبت بشأن نوع ورم في المخ إن كان سرطاني الخلايا أم حميداً، وإن كان هذا الورم قد يؤدى إلى اضطرابات سلوكية مما يؤدى للضرر بالوطن، ولم يستطع آنذاك طبيبها المعالج البوح بحقيقة هذا السر، حيث إن واجبه الأساسي هو المريض، وقد عانى هذا الطبيب من تداعيات هذا الموقف كثيراً. إذن، كشف سرية مرض الحاكم، حتى وإن أصبحت قراراته ضارة بالوطن، يشكل مسألة أخلاقية في غاية الأهمية، الفرد أم الوطن، حيث إن القسم الطبي للفرد فقط!! وهى مسألة تحتاج لمناقشات عديدة في مجال الأخلاقيات الطبية …
حسب رأيي الشخصي على صفحات الحوار المتمدّن هناك – متلازمة الغطرسة – الاستعلاء في قسم من الكتابات والتعليقات – كيف بهؤلاء لو – لا سامح العقل – وصلوا إلى سدة الحكم ( اللهم اجعل كلامنا خفيف عليهم ) ؟
العلاج لهؤلاء :
المصاب بـ«متلازمة الغطرسة» ليس عنده البصيرة لمعرفة طبيعة سلوكه، وأحد أنواع العلاج هو الوقاية بألا يمكث أي حاكم أو رئيس أو قائد مؤسسة أو بنك…الخ أكثر من مدة محددة حوالي أربع سنوات، مع احتمال تجديدها مرة واحدة، ومحاولة الطبيب الاتصال بأقاربه أو أصدقائه لحثه على العلاج النفسي أو حتى علاجه من الأمراض المصاحبة لهذه المتلازمة، مثل القلق، الاكتئاب، التعود على الكحول، المهدئات أو المنبهات، وكذلك اضطراب عدم التكيف مع العائلة والأصدقاء. ونحن نعرف جيدا أن السلوك الاندفاعي، والعناد، والتجمد الفكري لها مسارات عصبية خاصة في المخ، لاسيما المتصلة بالفص الجبهى ومسارات الدوبامين (موصل عصبي في المخ مسؤول عن اللذة والمتعة).
الوقاية ,, ماذا يقول الدكتور عكاشة بالنسبة لمصر وكذلك باقي الدول :
لذا أهيب بواضعي الدستور المصري الجديد أن يقوموا بالوقاية في مواد الدستور من إدمان السلطة، وذلك لن يتحقق سوى بمراعاة البقاء في القوة والسلطة لمدة محددة، مع ضرورة الشفافية والمساءلة الفورية.. نريد قوة وسلطة المواطن وليس قوة وسلطة الحاكم مع الامتثال المطلق للقانون وتنفيذه.
في العراق تمّ تحديد ذلك في الدستور العراقي ولكن هل سيمتثلون لذلك التحديد وتلك الفترة أم أن إدمان السلطة له تأثير وسحر لا يستطيع احد في الشرق مقاومته ؟ والتاريخ وخصوصاً بعد الجمهوريات المجيدة خير دليل ؟
في الشرق نحتاج لكل شيء أن يتغير – في كل باب – في كل مجال – في كل مفردة من مفردات الحياة – كل شيء في الشرق متناقض ويختلف عن الغرب وعن المفاهيم وعن الحكم وعن الكتابة – من الباب إلى المحراب – ولكن كيف ذلك وكيف يتحقق ؟
ختاماً :
أكد رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي ، الدكتور أحمد عكاشة ، أن الحاكم الذي يبقى مدة طويلة في الحكم دون أي مساءلة ، تحدث له حالة توحّد مع المنصب ، ويعاني مرضًا نفسيًّا يسمى “متلازمة الغطرسة”.
وأوضح عكاشة في مقابلة مع برنامج “الحياة اليوم”، على فضائية الحياة المصرية قبل أيام ، أن السلطة لا تكون مرضاً نفسياً إذا كانت هناك مساءلة ، إلا أن طول مدة السلطة تغيّر من شخصية الحاكم في أي مكان بالعالم .
وفي السياق ذاته ، أشار عكاشة إلى أن الاكتئاب يزيد لدى أي شعب إذا كان هناك فقر وبطالة وكبت للحرية ، مؤكداً أن الثورة المصرية التي اندلعت يوم 25 يناير/كانون الثاني الماضي، أزالت الاكتئاب وأعطت المصريين الأمل .
يذكر أن عكاشة أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس المصرية ، وهو الرئيس السابق للجمعية العالمية للطب النفسي ، وألف 47 كتابًا علميًّا باللغتين العربية والإنجليزية ، منها أربعة مراجع في الطب النفسي وعلم النفس الفسيولوجي ، وهو حاصل على جائزة الدولة التقديرية في الإبداع الطبي من أكاديمية البحث العلمي عام 2000 .
هل ترغبون الإصابة بالمرض ( عليكم التنافس من أجل الرئاسة حتى ولو من على صفحات الحوار المتمدّن ) جنبنا وإياكم جميع أشكال المرض .
الشكر والتقدير لصاحب الفكرة الأستاذ رعد الحافظ .
/ ألقاكم على خير / .