إختلاف المفاهيم
أحمد فاروق عباس
تغذية الاتجاهات شديدة الانحلال هو الوجه الآخر لتغذية الاتجاهات شديدة التطرف ..
كلاهما سبب لضياع هوية وعقل الدول وبداية دخولها في التيه تمهيدا لإلغاء عقلها ثم سهولة السيطرة عليها ..
لذا عملت القوى الكبري على تغذية كلا الاتجاهين
( الاتجاه شديد الانحلال ، والاتجاه شديد التعصب ) .
ومن يقرأ تاريخ السيطرة الغربية خلال الخمسين سنة الأخيرة يري بدايات سياسات شديدة الخبث لسلب شعوب العالم عقولها وبالتالى إرادتها ، وتغذية الاتجاهات شديدة الانحلال وما يستتبعها من نشأة الاتجاهات شديدة التطرف كرد فعل على تلك الاتجاهات شديدة الخلاعة ..
- فمن كان يصدق أن ينتهى الإحترام لواحد من أكبر شخصيات القرن العشرين وارقاها ، وهو غاندى وفى بلاده ذاتها !!
- ومن كان يصدق أن تعيد الهند الاعتبار لقاتل غاندى وتصنع له التماثيل في الميادين كما نقلت وكالات الأنباء منذ فترة !!
- من كان يتوقع أن يمول ويساند الغرب أكثر الاتجاهات انغلاقا وتشددا في الإسلام ، ويطالب تحت أدعاء الديموقراطية والحريات أن يكون لها الكلمة الأولى فى مصائر الدول ..
- من كان يصدق أن تنشأ امريكا تنظيم القاعدة ، وتعطى عمر عبد الرحمن مؤسس تنظيم الجهاد حق الإقامة في أمريكا ، وأن تنشأ بريطانيا تنظيم الإخوان المسلمين ، وتجعل من عاصمتها لندن العاصمة الام للتنظيم الدولى للاخوان !!
وأن يساعد الغرب تنظيم داعش على إقامة دولة فى الشام والعراق ، وأن يضرب في قارات العالم الخمس ، وبعد أن افتضح الأمر يتم لملمة الأمر وتنحى داعش جانبا بعد أن كانت ” باقية وتتمدد ” !!
.. وفى نفس الوقت وفى الاتجاه المعاكس :
- من يستطيع أن لا يرى دفاع الغرب المستميت عن الحرية الجنسية ، وعن حق المثليين في الزواج وحتى الإنضمام للجيوش !!
- ومن يستطيع أن يصم أذنه عن دعاوى الإلحاد التى تملأ الفضاء الإلكترونى وعن مئات الصفحات مجهولة التمويل ، تدعو إلى الإلحاد بأشد صيغه ابتذالا !!
- من يستطيع أن يتجاهل نوعية الفنون التى تأتينا من الغرب وما بها من رسائل تحض على العنف والقتل من جانب ؛ أو غارقة في دوامات الجنس والغرائز من جانب آخر !!
- من يستطيع أن يتجاهل مئات المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت ، وبدلا من صعوبة الوصول إليها أصبحت متاحة أمام الجميع ، وبدلا من تكلفتها العالية أصبحت مواقع مجانية !!
إن شل العقل وهو مستودع الفكر ومحرك الإرادة هو الهدف من كل تلك السياسات الخبيثة ..
أن مطالب الغرب من بلادنا لم يعد يكفيها السيطرة المادية ، ولا احتلالنا بجيوشها ، بل انتقلت من السيطرة علي الدول إلى السيطرة على الشعوب ، والسيطرة على الناس وليس فقط السيطرة علي الموارد ، واحتلال العقول وليس فقط احتلال الأرض ، وهو أقسى واشرس أنواع الحروب ..
وهى حروب النجاة من اتونها ليس مضمونا ، فقد فتكت بدول عظمى وجعلتها تركع على ركبتيها مستسلمة ، والاتحاد السوفيتي شاهد وعبرة..
كل السلامة لبلادنا في تلك السنوات القاسية ، وكل الامل أن تنتهى تلك الحقبة الصعبة بأقل قدر من الخسائر على شعوبنا وعلى عقلها وعلي إرادتها..