ثقافة

أين الثقافة ؟

خالد محمد جوشن

اردت شراء كتاب ( الثقافة مهمة ) لصمويل هنجتون ولورانس هاريسون ترجمة الاستاذة سهير صبرى، ووذهبت الى المكتبة التى كنت اعرفها .

واكتشفت انها اغلقت ، ياللهول ليس للثقافة مكان حتى فى المعادى ، امر محزن للغاية ويدل على الدرك الخطير الذى وصلنا له .

نحن امة لاتقرا قولا وفعلا ، رغم ان اول أية فى القراٌن، تقول اقراء وفى الانجيل فى البدء كان الكلمة .

ان الناس فى بلادى لايكادون يرفعون وجههم عن الموبيل كبارا وصغارا .

كنت فى طريقى الى المنزل ووجدت صبى لايتجاوز العاشرة من عمره يمشى على الرصيف وعينه على الموبيل المرفوع بين يديه وهو سائر . ان الفتى معرض للسقوط فورا فى اى حفرة او مطب ,

ماذا يفعل هذا الصبى فى الموبيل . الى الدرجة التى تشغله عن الانتباه الى الطريق الذى امامه .

يحلو لى كثيرا متابعة قائدى السيارات الذين أشعر فى قيادتهم نوع من عدم الحذر ، واقترب منهم قليلا . واكتشف فى الغالب انه يضع الموبيل على رجله وربما فى يده ويلعب به او يرسل رسائل نصية

، لقد تجاوز الامر الرد على المكالمات ليتحول الى حالة من الامتزاج بين البشر والموبيل . حتى فى اخطر الاوقات .

اكون فى لقاءات أسرية وربما فى إجتماعات اخرى واكتشف ان البعض من الحضور يسترق النظر من ان لاخر الى الموبيل الذى بيده او وضعه أمامه , ويبدو ذهنه شاردا

،هذا فى افضل الحالات والحالات الأسوء ان ينسلخ أحد الجالسين معنا من مجلسه ، ويستغرق فى التليفون ورسائله او مشاهداته ، وعندما تعاتبه يقرر لك انه عمل هام طرأ ، وهو فى الاغلب كذب مغلف بخجل .

ترى ما الذى يدعونا الى الاستغراق فى هذا العالم الموازى ؟ فكرت فى الامر كثير ومازلت افكر ؟.

احيانا ارى ان السبب فى ذلك ان الموبيل يقدم لك جديد كل ثانية ، هو جديد تافه ولكنه جديد ، ربما جلست المجموعة مع بعضها وتناولوا امورا شتى وادلى كلا منهم بدلوه وانتهى الامر

، الا ان يتجدد الحديث بشكل او باخر , ولكن مع الموبيل وانت وحدك فانك تتحرك بشكل لانهائى مع العديد من الأحداث والأمور والأشخاص الفضائيين .

فى يوما ما كنت أتابع الفديوهات من على الفيس بوك ، وظللت اتنقل من فديو لأخر ، ومر عليا ما يقرب من الساعة ، ولاحظت ان ابنتى تقول لامها ( بابا اتحشر فى الموبيل ).

ياله من تعبير بديع عن الحالة التى وصلت لها مع الموبيل .

ان الأمر صعب للغاية ، وتشكل عملية الخروج من حشرة الموبيل هذه ، على حد تعبير ابنتى وقتا وجهادا .

أنها تتطلب أولا ان يسأل احدنا نفسه بعد وقت طويل أو قصير حشر نفسه فيه مع الموبيل ، ان يسأل ماذا استفادا ؟ ما الذى بقى فى ذاكرته ؟

تتطلب ايضا فور فور انتباهك وانت تتابع الموبيل وخلال عملية الاستغراق فيه ، التفكير فيما تطالعه وتشاهده، وتفكر بجدية هلى هذا الامر الذى افعله يستحق هذا الوقت الذى انفقته واضعته من عمرى ؟

ايضا يتطلب منا الابتعاد عن المديا ، ان نسلط الضوء على دور القراءة والثقافة فى نهضة وتطور الامم ، بابراز نماذج لأمم وشخصيات حقيقية ، كان للثقافة دورا محوريا فى تطورها وتقدمها .

ان المدخل لعودة القراءة والثقافة وترسيخها فى المجتمع ، ونبذ الضحالة والميديا السريعة، يجب ان يمر من خلال عشرات السبل .

ربما يمكن دمج الجانب الدينى الاسلامى والمسيحى لمن يريد ، والتاكيد على اهمية الكلمة الواردة فى القراٌن و الانجيل.

والكلمة المقصودة لا تتناول العلوم الدينية والكتاب المقدسة فقط ولكنها تتناول القراءة فى كل مجالات الحياة .

لن ننهض الا اذا اصبحنا امة تقرأ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى