أمريكا تفتح على نفسها باب جهنم في البحر الأحمر
الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات
ببساطة، اليوم الدم اليمني امتزج بمياه البحر الأحمر باستشهاد العشرات من رجال الجهاد والمقاومة في مواجهة مع القوات الأمريكية، ومن أجل فلسطين تعلن اليمن الحرب المباشرة مع الولايات المتحدة، وقد جاءت هذه المواجهة لتؤكد فاعلية القوات المسلحة اليمنية في مسار الصراع مع كيان العدو الإسرائيلي وأن اليمن رقم صعب ومهم في المعادلة الإقليمية.
عاد المشهد اليمني إلى الواجهة من جديد، خاصة بعد أن شنت الولايات المتحدة وحلفائها ضربات عسكرية ضد أهداف عسكرية للحوثيين في اليمن رداً على هجمات الحركة على السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة من وإلى الموانئ الإسرائيلية مروراً في البحر الأحمر، وهو ما يمثل توسعاً إقليمياً للحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ عدة أشهر.
تعهدت حركة أنصار الله اليمنية المتحالفة مع إيران بالرد على الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة، بذلك ستشعل هذه الهجمات الغربية حربا إقليمية كبرى بعد أن نفذت فصائل المقاومة هجمات ضد المصالح الأمريكية في العراق وسورية، في وقت واصل الحرس الثوري التحشيد ضد إسرائيل والولايات المتحدة، إعلامياً وعسكرياً..
في الوقت نفسه، بدأت ترتفع وتيرة تفاعل حركات المقاومة “العراقية والسورية واللبنانية مع الحدث معلنة أن “كل القواعد الأمريكية في العراق وسورية باتت هدفاً مشروعاً” لها، وبالفعل استهدفت “المقاومة الإسلامية ” قاعدة “عين الأسد” الجوية الأمريكية في محافظة الأنبار و قاعدة “حرير” الجوية بإقليم كردستان، كما استهدفت قاعدتي الاحتلال الأميركي في حقل العمر النفطي في سورية.
في ظل ما يحدث الآن ، فصائل المقاومة بصدد تشكيل ما يسمى بغرفة عمليات مشتركة مع المقاومة الفلسطينية نفسها وهذه الغرفة تضم 3 دول هي إيران ولبنان وسورية والتي تعمل على تعزيز و تفعيل خيار “وحدة الساحات” لاسيما مع طول أمد العدوان الإسرائيلي، وهذا يعنى تفعيلاً لمحور المقاومة والممانعة، ومؤشر إلى تزايد رقعة الصراع الإقليمي، وأن دولاً مثل إيران والعراق ولبنان وسورية ليست ببعيدة عن هذا الصراع.
مع ملاحظة التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الإيراني في معرض إجابته عن تساؤلات بشأن “ساعة الصفر” التي ستقوم فيها المقاومة بالرد على أفعال الولايات المتحدة وإسرائيل ، قال إن حالة التنسيق بين الفصائل في أكمل صورها، وأن كافة السيناريوهات والاحتمالات بشأن تفاعلها مع الكيان الإسرائيلي محسوبة بدقة، وأن الرد على الاحتلال سيكون قوياً وسيغير ليس فقط من خريطة الأراضي المحتلة، ولكن أيضاً من قواعد التفاعل الإقليمي ككل.
هكذا تبدو المهمة الأمريكية في الإقليم عسيرة، حيث يصعب عليها تمرير مشروعها، وحتى مع استخدامها للضربات العسكرية ودعمها لإسرائيل المتطرفة كورقة ضغط، فإنها ليست لصالحها لأن لا أحد يملك كيفية امتداد هذه الحرب وتأثيراتها ونتائجها، وإن المنطقة برمتها ستدفع ضريبة هذا الصراع والذي سيرسم طبيعة العلاقات في الشرق الأوسط في المرحلة القادمة.
بالتأكيد إن أمريكا بارتكاب حماقتها باستهداف المقاومة تكون قد فتحت جبهة مباشرة مع محور المقاومة، وعليها أن تتحمل تبعات ذلك، كما جاء في بيان الجيش اليمني، الذي أكد أن العدو الأمريكي يتحمل تبعات هذه الجريمة وتداعياتها، وأن تحركات الأمريكي العسكرية في البحرِ الأحمرِ لحماية السفن الإسرائيلية لن تمنع اليمن من تأدية واجبِه دعماً لفلسطين وغزة.
ويبقى أمام واشنطن وحلفائها فرصة أخيرة قد تلجأ إليها لتحقيق مكسب إيجابي يتمثل في إمكانية تغيير سياستها في المنطقة من خلال اجبار الصهاينة على ايقاف الحرب على غزة، خاصة بعد فشل استراتيجيتها التي اتبعتها لإسقاط غزة، وهي لم تحقق ما كانت أمريكا وإسرائيل وغيرهما تأمل بتحقيقه، وسقط الرهان على إسقاطها بفضل شجاعة وسمود رجال المقاومة الفلسطينية.
وأخيراً، يمكن القول إن عملية “طوفان الأقصى” ألقت بتبعات كبيرة على فصائل المقاومة في كل من العراق ولبنان وسورية وايران باعتبارها جزءاً من محور المقاومة والممانعة، وأن استهداف الولايات المتحدة الأخير لحركة المقاومة اليمنية فتحت المجال أمام تلك الفصائل للقيام بعمليات استهداف عسكري للقواعد والمصالح الأمريكية في كل من العراق وسورية كرد على الدعم اللامحدود الذى تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل الإرهابية.