أحوال عربية

أمريكا الفاشية….. وشهوة الدم

الدكتور خيام الزعبي

على مدى سنوات طويلة تدخلت أمريكا عسكرياً في مناطق كثيرة وبحجج واهية، وإرتكبت خلال ذلك جرائم عديدة لم تتم محاسبتها عليها، بل على العكس إستمرت في تزكية نيران الصراعات المسلحة في منطقتنا،  والهدف هو حماية مصالحها والسيطرة المطلقة على المنطقة مستخدمة سلاح التهديد بفرض العقوبات على الدول التي تعارضها ولا تخضع لإملاءاتها وسياساتها.

فهي تحرض دول الخليج للحرب مع ايران، وتدعم أوكرانيا في الحرب ضد روسيا كما تدعم تايوان تمهيدا للحرب ضد الصين، كما تبنت قيام تنظيم داعش الإرهابي في إطار الرهان على أكذوبة الشرق الأوسط الجديد تحت رايات الإسلام السياسي الموالي لأمريكا، كما حرضت الشيعة على السنة في المنطقة وقسمت العالم العربي إلى مسلمين وغير مسلمين وقدمت الدعم والسلاح والمال للمجموعات الإرهابية في أكثر من مكان، فضلاً عن استخدام الاكراد في نهب ثروات الشمال السوري.

مما لا شك فيه، أن أمريكا دائماً تتفنن في خلق الصراعات، فقد أزكت الصراع والإقتتال في العراق مما أدى إلى إشتعال حرب طاحنة هناك، وحولت سورية إلى ساحة عنف وأرض للعصابات الإرهابية، وإشغلت دول المغرب العربي بنزاعات مماثلة، ولا ننسى محاولة تفتيت اليمن ومصر وتونس والسودان ولبنان والصومال من خلال محاولة صنّاع القرار الأمريكيين بتكريس الخلافات فيما بينهم، والقضية الفلسطينية التي لا تزال إسرائيل تقتل الفلسطينيين، حتى بدا أن وظيفة إسرائيل النهائية هي إفناءهم بأية وسيلة وحتى آخر رمق من أنفاسها.

ومن هذا المنطلق فإن الأمريكان غير مستائين من أحداث العنف وأعمال الشغب في العالم العربي وذلك لأنهم سيستغلوا هذه الأعمال كوسيلة استراتيجية للهيمنة على العالم، حيث دأبت أمريكا وحلفاؤها على نشر الرعب والخوف بشكل مباشر أو بالوكالة في المنطقة التي ولدت في مجملها طلباً عالمياً متزايداً على السلاح والمعدات العسكرية.

وتؤكد صناعة الحرب أن أمريكا تربعت فوق عرش الفائزين بمليارات الدولارات من خزائننا، ناهيك عن الدماء التي تهدر في معظم الدول العربية كسورية والعراق واليمن، كما أن صناعة السلاح بأمريكا خلال هذه الفترة شهدت إزدهاراً غير مسبوق، وأن أسهم مصانع سلاحها الكبرى لم تزل في إرتفاع بفضل المعارك التي تشهدها منطقتنا العربية، وبذلك  تعتبر واشنطن بأن السلاح الأمريكي هو سفيرها الخفي الذي يعمل من خلف الستار على توثيق العلاقات مع الدول الأخرى أو مع حركات انفصالية تدين مستقبلاً بالولاء والتبعية لها.

إن ما جرى في المنطقة وما يزال هو مصلحة أمريكية إسرائيلية بالدرجة الأولى وإعادة ترتيب جديد للمنطقة، فالظاهرة الاستعمارية هي المسؤول الأول والأخير عن معاناة الشعوب العربية التي اتبعت سياسات تعسفية لاستغلال خيراتها وثرواتها وما زالت هذه المخططات سارية المفعول، حيث يحاول الشريكان الأمريكي والصهيوني تنفيذها عبر خلق الأزمات والفوضى والفتن والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد في العديد من أقطار القطر الواحد، وبالتالي فإن الحاصل هو المزيد من المعارك الصاخبة بين أبناء الحضارة والثقافة واللغة الواحدة، إضافة إلى المزيد من العنف وما يسفر عنه من قتل وسفك للدماء على حساب البناء والتنمية والتطور الحضاري.

مجملاً… لقد صمدت سورية، بوجه هذه الحرب وسطرت ملاحم بطولية في تصديها لعصابات الإرهاب، بذلك يتضح يوماً بعد يوم الدور الوظيفي الذي تؤديه هذه المجموعات في خدمة المخططات الإستعمارية في المنطقة لزعزعة إستقرار دولها وتفكيك شعوبها، ولا ريب أن فشل المؤامرة على سورية بات أمراً محققاً ومؤكداً، وسيكون لهذا الإنتصار أثره الإستراتيجي لتقليص نفوذ وتغلغل أمريكا في المنطقة.

 وبإختصار شديد، ليس أمام سورية كثير من الخيارات، فهي إمّا أن تنتصر أو أن تنتصر، لا خيار آخر أمامها، فلنعمل سوياً من أجل أن تنتصر سورية، ليرفع إنتصارها راية وحدة وطنية في وجه أميركا وإسرائيل وكل ذيولهما، ولتنقلب طاولة الطائفية على رؤوسهم كما أرادوها أن تنقلب على رؤوسنا ورؤوس أبنائنا، وليكن تحرير شمال حلب وادلب نقطة تحول وعلامة طريق فارقة لإنتصار سورية في هذا الصراع الشرس الذي لا يرحم متردداً.

الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر صحيفة الجزائرية للأخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى