أحوال عربيةأخبار العالم

هل تشكل مشاريع “الهايتك الإسرائيلية” اختراقاً اقتصادياً في قلب القدس ..؟؟

راسم عبيدات

مشروع ” ايزتك”   عبارة عن مبادرة تكنولوجية  مشتركة ما بين بلدية الكيان  برئاسة موشه ليون وما يعرف بوزير شؤون القدس مئير بروش ،تقوم على استثمار عشرة ملايين شيكل في الطابق السادس  من “مول” الدار في شارع الأصفهاني ،بمساحة 100م2 ،على ناصية شارع صلاح الدين في القدس ،وتلك المبادرة تقوم على اساس   افتتاح مركز التعليم التقني والتكنولوجي ” الهايتك”  يتعلم فيه مواطنين عرب  من المدينة،وربما يكون هذا المشروع ،مشروعا مصغراُ عن مشروع واد السيلكون التهويدي في منطقة واد الجوز،او امتداداً له .

دائماً علينا أن ننظر لمشاريع دولة الكيان في المدينة ببواطنها وليس بظاهريتها ،فهي تحمل اهداف خبيثة تهويدية  اقتصادية وسياسية وامنية وتعليمية ،اي ان وراء الأكمة ما ورائها،وجهنم مبلطة بالنوايا الحسنة،وليس بخاف على احد بأن مشروع  ما يعرف ب وادي السيلكون” الذي سيقيمه الكيان في منطقة واد الجوز،مشروع تهويدي مغلف  اقتصادياً وتكنولوجياُ،وهو سيشطب بشكل نهائي 200 ورشة تجارية وصناعية في المنطقة،والكيان يتحدث عن مشروع لسد الفجوات  اقتصادياً واجتماعياً ما بين سكان القسم الشرقي من المدينة والقسم الغربي منها ،وكما يتحدث عن توفير فرص عمل لعشرات ألالاف السكان العرب من المدينة ضمن خطة خماسية.. مشروع واد السيلكون في واد الجوز والذي سيتم من خلاله اقامة كلية تدريب مهني وقرية تكنولوجية يحمل مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، أولها الدمج ما بين الجزئين الشرقي والغربي من مدينة القدس المحتلة بشكل يمنع إقامة دولة فلسطينية، إضافة إلى أن هذه المنطقة ستكون بؤرة استيطانية داخل أحياء استيطانية ضمن برنامج إسرائيلي، ووادي السيليكون هو جزء من تقطيع الأحياء الفلسطينية.

الاحتلال يسعى لإحداث تغييرات ديمغرافية، وتقليص أعداد السكان الفلسطينيين مقابل زيادة عدد المستوطنين، وهو الهاجس الأكبر بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي.

أنا أرى في مشروع ” ايزتك” التكنولوجي ،بأنه يشكل اختراق اقتصادي في قلب المدينة،حيث يترافق مع سعي محموم من بلدية الكيان للسيطرة على الفضاء التجاري في المدينة بالذات البلدة القديمة وشوارعها الرئيسية، من خلال انتشار العديد من المحلات  التجارية،صاحبة العلامة التجارية”الإسرائيلية،هذه المحلات القادرة على توفير سلع ” اسرائيلية” بأسعار لا تستطيع منافستها المحلات التجارية العربية، لضعف الإقتصاد الفلسطيني ،وهذا  قد يفتح المجال لإمكانية سيطرة الكيان وبلديته على الحركة التجارية في المدينة وبلدتها القديمة  …

ربما  نجد مشروع ” ايزتك” قد تمدد الى البؤرة الإستيطانية التي يجري اقامتها مكان  مقر البريد في بداية شارع صلاح الدين  .

عمليات الإختراق  من قبل بلدية الكيان والمؤسسات والشركات المرتبطة فيها تزداد وتتوالد في المدينة،وفي كل المجالات مدارس ومؤسسات تعليمية ومراكز جماهيرية وشرطة جماهيرية ومؤسسات ثقافية  وخدمات اجتماعية وغيرها ،والهدف السعي لدمج سكان المدينة العرب في المجتمع والإقتصاد الإسرائيلي،ولعل الخطة الخماسية التي اعلن عنها حكومة الكيان برأسمال قدره 2 مليار ومئة مليون شيكل من 2018 ولغاية 2023،لهذا الغرض تشارف على الإنتهاء،ويجري العمل على تجديدها ،وضخ المزيد من الأموال لأغراض التهويد والأسرلة وفي المقدمة منها اسرلة العملية التعليمية في المدينة بالكامل ،وبما ينهي المنهاج الفلسطيني في المدينة،وانا لست بصدد نقاش الحرب على المؤسسات التعليمية الفلسطينية والمنهاج الفلسطيني،بل المخاطر المترتبة على  عمليات الإختراق الإقتصادي في المدينة ،عبر مشاريع تهويدية وتطبيعية اقتصادية وتجارية وصناعية مشتركة ،تجرد المدينة من هويتها وتاريخها وثقافتها ،ولعل البعض يقول لماذا كل هذه ردة الفعل على تأجير طابق في “مول” الدار لبلدية الكيان أو شركة مرتبطة ببلدية الكيان،فهل المسألة انتقائية أو لها علاقة بأبعاد مرتبطة بالفرد والوزن العائلي والعشائري ..الخ.

لعل ردة الفعل من قبل القوى والفعاليات المقدسية على عملية تأجير طابق من ” مول” الدار لبلدية الكيان،لمشروع هايتك وصناعات تكنولوجية، مرتبط بعدة من العوامل ،في المقدمة منها بأن الشخص الذي أقدم على تأجير طابق من المبنى،هو عضو في الغرفة التجارية الصناعية  في القدس،ويشغل عدة مناصب في إدارة او رئاسة  فخرية للعديد من المؤسسات الفلسطينية ،وهو احد رجال الأعمال المقدسيين،ويفترض بحكم منصبة في الغرفة التجارية او ادارة والرئاسة الفخرية لتلك المؤسسات، أن يلعب دور رئيسي في الدفاع عن مصالح التجار والحركة الإقتصادية والتجارية في المدينة، في إطار الإستقلالية والفكاك عن اقتصاد دولة الكيان ،وليس التشبيك والإنخراط فيه،بما يخلق حالة من التطبيع غير المباشر ،ناهيك عن تهميش دور الغرفة التجارية التي اغلقها الكيان،والمراد العمل على  تفعيلها وان تشكل مُعبر حقيقي عن هموم وتطلعات التجار،وبما يلجم ويعري الأصوات الداعية الى إنتساب تجار القدس الى الغرفة التجارية الصناعية التابعة للكيان،ناهيك عن ان هذا الشخص بوزنه وحضوره المجتمعي، يجب ان يكون انموذج في محاربة عمليات الإختراق الإقتصادي والتجاري،وليس مساهماً فيها،بما يعبد الطريق لكي يسير فيه ضعاف النفوس من المنتفعين والمستفيدين،ممن هم يتحينون الفرصة وينتظروا لكي ينخرطوا في هذا المسار .

صحيح بان حجم الإختراق يزداد ويتسع الفتق على الراتق،ولكن يجب أن لا نقحم انفسنا في مقاربات ومقارنات غير دقيقة أو ذرائعية،ولكن يجب العمل بشكل جدي من أجل بناء وتحديد معايير واضحة في كيفية التعاطي في مثل هذه القضايا،على قاعدة وطنية موحدة وليس ارتباط بأبعاد شخصية وعائلية وفئوية …الخ،وبما يخلق حالة من الإطمئنان بين ابناء المجتمع المقدسي.

فلسطين – القدس المحتلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى