أزمة الطاقة في الاتحاد الأوروبي .. هل نجحت أوروبا في تعويض النفط الروسي ؟
محمد النعماني
تتألم أوروبا في معركة النفط إذ تجد دول الاتحاد الأوروبي صعوبة في تعويض النفط الروسي قبل الشتاء المقبل ناهيك عن الأسعار المضاعفة، مما دفع بعض الدول لتجاوز الحظر المفروض على روسيا من قبل الاتحاد الأوروبي نفسه والطلب من موسكو هذه المادة الحيوية.
وفي السياق، قال رئيس شركة “ترانسنفت” الروسية نيكولاي توكاريف في مقابلة تلفزيونية “إن هذه المؤسسة تسلمت طلبات من بولندا وألمانيا لضخ النفط في كانون الأول وخلال عام 2023”.
وذكر رئيس “ترانسنفت” (الشركة المختصة في نقل النفط الخام) أن بولندا وألمانيا أرسلتا هذه الطلبات، على الرغم من الحديث عن عدم الرغبة في مواصلة استجرار النفط الروسي.
وأضاف: “لقد أعلنوا أنهم لن يأخذوا النفط من روسيا اعتبارا من الأول من كانون الثاني، ولكننا تلقينا الآن طلبات من المستهلكين البولنديين طلبوا تزويدهم بـ 3 ملايين طن في العام المقبل و360 ألف طن لشهر كانون الأول، وقد قدمت ألمانيا بالفعل طلبًا للربع الأول كذلك تطلب شراء النفط الروسي
وقالت شركة “غازبروم”، إنها تضخ 42.3 مليون متر مكعب من الغاز في يوم 18 ديسمبر إلى أوروبا عبر محطة “سودجا” في أوكرانيا.
وذكرت الشركة، أن الجانب الأوكراني رفض طلب الضخ عن طريق محطة “سوخرانيفكا”.
ووفقا للشركة، بلغ حجم الضخ يوم السبت 17 ديسمبر 41.7 مليون متر مكعب.
في وقت سابق، أعلن الجانب الأوكراني، أن حجم الغاز عبر أراضي أوكرانيا في 18 ديسمبر قد يصل إلى حوالي 42.4 مليون متر مكعب.
ويظل خط العبور عبر أوكرانيا، بمثابة الطريق الوحيد لنقل الغاز الروسي إلى دول غرب ووسط أوروبا. وتم وقف الضخ عبر خط “السيل الشمالي” بشكل تام بعد تعرضه للتفجير قبل فترة.
ويتم نقل الغاز الروسي إلى تركيا ودول جنوب وجنوب شرق أوروبا، عن طريق خطي “السيل التركي” و”السيل الأزرق”
وتتواصل الانقسامات بين دول الاتحاد الأوروبي حول سقف أسعار الغاز الروسي، حيث تدفع 12 دولة منها بلجيكا وإيطاليا وبولندا وسلوفينيا باتجاه خفض “كبير” لسقف الاتحاد الأوروبي المزمع لأسعار الغاز،
هذا وبينما يسعى التكتل جاهدا للتوصل إلى اتفاق بشأن هذا الإجراء.
حسب وكالة رويترز، فقد ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا هذا العام، بعد أن خفضت روسيا شحنات الغاز في أعقاب الهجوم على أوكرانيا، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الوقود ونمو التضخم.
وأجرت دول الاتحاد الأوروبي مفاوضات عاجلة، السبت 10 ديسمبر/كانون الأول 2022، في محاولة لتجهيز اتفاق على سقف أسعار الغاز الروسي، من أجل اجتماع لوزراء الطاقة، مقرر في 13 ديسمبر/كانون الأول، لكن الدول لا تزال منقسمة إزاء الخطة.
إذ قال مسؤول من إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إن الدول “تقلص الخلافات” في مواقفها، لكن آخرين قالوا إنه لم يتم إحراز تقدم يذكر السبت. وسيُجري الدبلوماسيون المزيد من المفاوضات، الإثنين 12 ديسمبر/كانون الأول.
وزعت 12 من أصل 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي اقتراحاً يطالب بأن يكون الحد الأقصى للسعر أقل “بشكل ملحوظ” من أحدث مستوى تتفاوض الدول بشأنه.
قالت الدول “النص لم يقطع شوطاً كافياً نحو ما يمكن أن نعتبره تسوية مُرضية”. وقدمت الاقتراح كل من بلجيكا وبلغاريا وكرواتيا واليونان وإيطاليا ولاتفيا وليتوانيا ومالطا وبولندا ورومانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا.
فيما خاضت دول الاتحاد الأوروبي جدلاً منذ شهور، حول ما إذا كانت ستضع حداً أقصى لأسعار الغاز، لكنها لم تسد الفجوة في وجهات النظر المتباينة حتى الآن.
بينما يشكك بعض الدبلوماسيين في إمكانية التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع، وأشاروا إلى أن الدول التي لا ترضى عن الاقتراح الأحدث لديها ما يكفي من الدعم لمنع إقراره.
بينما تقول الدول المؤيدة لسقف أسعار الغاز الروسي إن هذا الإجراء سيحمي اقتصاداتها من ارتفاع تكاليف الطاقة، وعارضته ألمانيا، أكبر اقتصاد وسوق للغاز في أوروبا، وهولندا.
حسب وكالة رويترز، تحذر الدولتان من أن السقف قد يعطل الأداء الطبيعي لأسواق الطاقة، ويثني منتجي الغاز عن إرسال الوقود، الذي تشتد الحاجة إليه في أوروبا.
بموجب المسودة الأحدث للاقتراح الذي تبحثه الدول الأعضاء، يتم تفعيل الحد الأقصى إذا تجاوزت أسعار الغاز 220 يورو لكل ميغاوات ساعة، لمدة خمسة أيام، في تعاقدات أقرب شهر استحقاق في مركز تجارة الغاز (تي.تي.إف) الهولندي، وزادت 35 يورو على السعر المرجعي للغاز الطبيعي المسال، بناء على تقييمات سعره في ذلك الوقت.
يقل هذا الحد الأقصى المقترح عن حد 275 يورو لكل ميغاوات ساعة، الذي اقترحته المفوضية الأوروبية، لكن الدول المعارضة، وعددها 12 دولة، قالت إنه لا يزال غير منخفض بما فيه الكفاية.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، إن الكرملين يقوم بتحليل الوضع المتعلق بتحديد سقف لأسعار النفط، وقد تم اتخاذ بعض الاستعدادات لمواجهة مثل هذا التوجه.
ا
وأضاف بيسكوف في حديث للصحفيين: “نقوم حاليا بتحليل الوضع. طبعا تم التحضير والاستعداد لمواجهة هذا السقف”.
وشدد بيسكوف، على أن روسيا سترفض وضع أية سقوف على أسعار النفط ، وبعد تحليل سريع سيكون هناك قرار بشأن كيفية تنظيم العمل لاحقا.
وقال: “لن نقبل بهذا السقف. وأما عن كيفية تنظيم العمل، فسنقوم بتحليل سريع وسنعلن عن ذلك لاحقا”.
في وقت سابق أعلنت مجموعة السبع وأستراليا، التوصل إلى اتفاق على تحديد سقف سعر شراء النفط الروسي المنقول بحرا بـ60 دولارا للبرميل.
.وصفت بعثة روسيا الدائمة لدى الاتحاد الأوروبي الحزمة التاسعة من العقوبات ضد روسيا بأنها غير شرعية، وأشارت إلى أنها تتعارض مع نظام العلاقات المالية والتجارية الدولية.
وأكدت أن فرض العقوبات أصبح الأداة المفضلة للتأثير بالنسبة لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية .
وأضافت: “من الواضح للجميع أن الهدف الذي يسعى إليه الاتحاد الأوروبي هو الضغط على الدول ذات السيادة، ووسائل تحقيقه لذلك غير شرعية”.
ونوهت إلى أن القيود المفروضة تتعارض مع المبادئ الأساسية لمنظمة التجارة العالمية.
وأعلنت رئيس لجنة تنظيم الطاقة الفرنسية، إيمانوئيل فارغون، أنّ الوضع بشأن إمدادات الغاز إلى أوروبا في الشتاء القادم سيكون أصعب بكثير مما عليه الآن.
وقالت فارغون في حديث لإذاعة “Europe 1”: “ما نعرفه هو أنّ الوضع إزاء إمدادات الغاز إلى أوروبا في الشتاء القادم سيكون أصعب بكثير مما عليه في الشتاء الجاري. وبالرغم من أنّ فرنسا لا تستخدم الكثير من الغاز، إلا أنّ أوروبا تستخدم الكثير منه. ونستخدم الغاز لتدفئة المنازل وللصناعات على حد سواء. ولا يزال التوتر حول إمدادات الغاز مستمراً”.
وأضافت أنّ فرنسا ستتمكن من التغلب على القضايا التي ستواجهها في الشتاء الجاري، مشيرةً في الوقت نفسه إلى ضرورة الاستعداد لفصل الشتاء القادم 2023-2024.
وفي السياق نفسه، تناول الإعلام الفرنسي، منذ أسابيع، معاناة أصحاب الدخل المحدود في فرنسا، وحرمانها من التدفئة، خصوصاً في مدينة أميان ذي المساكن الشعبية، والتي تصل درجة الحرارة فيها إلى 12 درجة مئوية داخل المنازل، على الرغم من تسديد اشتراكات الطاقة.
وأعلن مشغل الغاز في الاتحاد الأوروبي، في 6 تشرين ثاني/نوفمبر الجاري، أنّ 5 دول بدأت باستخدام احتياطياتها من خزانات الغاز، بعد أن كرّسته لتغطية العجز في الشتاء إثر العقوبات على روسيا.
وقبل ذلك، قالت وكالة الطاقة الدولية إنّ “أوروبا ينبغي أن تتحرك على الفور لتفادي حدوث نقص في الغاز الطبيعي العام المقبل في ضوء فقد الإمدادات الروسية وتوقعات بزيادة الطلب الصيني على الغاز”.
وفي آب/أغسطس الماضي، أعلنت شركة “غازبروم” الروسية قطع إمدادات الغاز إلى شركة “إنجي” الفرنسية
.
ودلت معطيات بورصة لندن ICE، على أن أسعار الغاز في أوروبا بعد الانفجار في خط أنابيب الغاز يورنغوي – بوماري – أوجغورود زادت من وتيرة تسارعها واقتربت من 1250 دولارا لكل ألف متر مكعب.
افتتحت العقود الآجلة لشهر يناير على مؤشر TTF (أكبر مركز في أوروبا يقع في هولندا) التداول في المنطقة الحمراء عند 1150.2 دولار لكل ألف متر مكعب (-3.3٪).
ومع حلول الساعة 15.13 بتوقيت موسكو، بلغ سعر الألف متر مكعب 1191.8 دولارًا (+ 0.2٪). وقبل ذلك بدقائق ، قفز السعر بشكل حاد إلى 1257.9 دولار (+ 5.6٪).
ويتم اعتماد ديناميكيات عروض الأسعار، انطلاقا من سعر التسوية ليوم التداول السابق – 1189.7 دولار لكل ألف متر مكعب.
تحولت الأسعار إلى المجال الإيجابي ونمو وتيرتها بشكل متسارع، بعد تقارير عن انفجار في خط أنابيب الغاز الرئيسي يورنغوي – بوماري – أوجغورود.
هذا الخط يعبر الحدود الروسية- الأوكرانية بالقرب من محطة سودجا في مقاطعة كورسك، وهذه هي نقطة الدخول الوحيدة للغاز الروسي إلى أوكرانيا اليوم للعبور إلى أوروبا.
ولقي ثلاثة أشخاص مصرعهم وأصيب واحد آخر بانفجار وقع على خط أنابيب للغاز في أراضي جمهورية تشوفاشيا بوسط روسيا اليوم الثلاثاء، حسبما أفادت السلطات المحلية.
ونقلت وكالتا “نوفوستي” و”تاس” في تقارير متطابقة عن رئيس الإدارة المحلية ومصادر في خدمات الطوارئ أنه وفقا للبيانات المحدثة، أدى الحادث لمقتل 3 أشخاص وإصابة آخر، جميعهم من العمال الذين كانوا يقومون بأعمال صيانة لخط الأنابيب.
وتحيذكر أن الحادث طال خط أنابيب الغاز “أورينغوي –بوماري – أوجغورود” الذي يصدر عبره الغاز الروسي من حقول سيبيريا إلى دول أوروبا.دثت تقارير أولية عن إصابة شخص واحد فقط.
وأفاد فرع وزارة الطوارئ في جمهورية تشوفاشيا، بأن الحادث وقع على بعد حوالي 50 كيلومترا جنوب العاصمة تشيبوكساري قرب من قرية يامباختينو، حيث اندلع حريق بعد تسرب للغاز في خط أنابيب الغاز تحت الأرض.