أحوال عربيةأخبارأخبار العالم

القضية الفلسطينية من جديد بين الواقع والاعلام

القضية الفلسطينية من جديد بين الواقع والاعلام
رسل جمال

تشاء الاقدار ان أولد في اسرة كانت على تماس مباشر مع القضية الفلسطينية، فلدينا صورة لجدي رحمه الله وهو على الدبابة العراقية على ارض فلسطين، ضمن الجيوش العربية التي هبت لنصرة الشعب الفلسطيني، في حرب(48)، ولم تنتهي القصة هنا لان خالتي كذلك تزوجت من رجل فلسطيني عاش في العراق و من مواليد فلسطين للعام 48 ذاته!
لذلك انا ارى القضية لها جانبان متوازيان، سياسي وأجتماعي، تطور مع الوقت وتغير الوجه السياسي لها كثيراً، وهو نتيجة لعمل اسرائيلي يهودي توطيني، عمل منذ ذلك الوقت على تهويد فكر المنطقة وتمويع القضية، ومد جسور الاستعمار بصيغة مختلفة منها، الاقتصادية بشكل اساس، وتبعها الدبلوماسية، فأصبح الرد العربي بطبيعة الحال اكثر وهناً مع مرور الوقت، خصوصا مع حملة التطبيع التي انخرط الكثير من البلدان العربية تحت لواءها، وهو تحول ناعم قادته اسرائيل منذ عقود لتغيير الوجهة من (القضية الفلسطينة) كونها قضية العرب الاولى، الى قضية ثانوية مصدر ازعاج وتهديد للمصالح المشتركة!!

هذا بطبيعة الحال يمهد الى هدم القضية من الاساس، وافراغها من محتواها، لذلك اصبح من ينادي بنصرة( القضية الفلسطينية) كمن يُغرد خارج السرب.
باعتبار ان الكيان الصهيوني، قد غرس له (مستعمرات استثمارية) في اغلب دول المنطقة، فتحولت العلاقة من (علاقة عدائية) الى العلاقة تبادل مصالح مشتركة ، وهو تحول في اساس القضية، جعل من العرب من يدافع عن أمن اسرائيل ومصالحها، رغم ما تقترفه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني.
لذلك اقتصرت اغلب تصريحات رؤوساء الدول العربية والملوك الى حملة تهدئة ودعوة الى وقف اطلاق النار، بغض النظر عن الظالم والمظلوم!!!

عندما نأتي لأصل (القضية الفلسطينية) كقضية عروبية مالها وماعليها، فهي ايضا قد تعرضت لعوامل التعرية خلال هذا القرن، لكن موقف العراق منها منذ البداية لم يتغير، فلم يكتفي العراق مع اي حدث يخص القضية او شعبها، بعبارات الشجب والاستنكار، بل كان له (بصمه دم واضحة) في الدفاع عنها، ولايغيب عنا ان نظام صدام الغابر قد اولى لها أهمية بالغة ، من خلال ارسال المعونات المادية، للشعب الفلسطيني لأغراض سياسية ونوايا خبية، بعيد عن المنظور الاساسي للقضية، كما بالغ في تمييز الجالية الفلسطينية في العراق، فكانت لهم مميزات لا يتمتع بها حتى العراقي وقتها، لا لشيء الا لغايات ومنها لخلق جيل فلسطيني كامل مدين بالولاء لصدام دون الشعب العراقي، وهذا ما يفسر المجاميع الارهابية الداعشية التي كانت تعيث بالارض الفساد، كان للاخوة الفلسطينين النصيب الاكبر منهم!!!!
وهذا بلا شك سيغير الافكار، اتجاه تلك ( القضية الفلسطينية) رغم وجود المجاهدين الحق الذين لم يهادنوا او يبيعوا الحق بثمن بخس وهم قلة قليلة، يتساقطون كل يوم جراء الغدر والخيانة .

ومع ذلك الخذلان من اخواننا الفلسطيني للعراق، الا ان العراق لم يتخلى عن اخوته العرب يوماً، ولم يبادل الاساءة الا بالأحسان .
المشكلة الأكبر ان القضية الفلسطينية في الحقيقة، ليست كما تبدو في الأعلام، فصراع الارادات ومحاولات فرض النفوذ الخارجي، واضح في المشهد، خصوصا ونحن في وسط ارض خصبة منطقة اعتادت (حروب الانابة)عن الاطراف المتخاصمة والمتناحرة (ايران وأمريكا) والتي وجدت في المنطقة عوامل تساعد على ذلك منها الفصائل المسلحة، والتي وجدت هي الاخرى بالدعم العسكري المقدم لها، فرصة لاستعراض القوة على الأرض، قد يدفع الشعب الفلسطيني، واهل غزة بالخصوص ثمنها باهضاً،
لان العدو الاسرائيلي، لم يعد يتوانى عن استخدام أي نوع من الاسلحة، سواء المحرمة دولياً او الجرثومية، و غيرها من هجمات التي شنها خلال هذا الفترة والتي تستهدف المدنين حصراً في قطاع غزة، والتي تعاني اصلاً من تردي بالخدمات وانهيار بالبنى التحتية.
كذلك فان موقف المجتمع الدولي كعادته داعم لاسرائيل، وقد يصل ذلك الدعم الى ارسال قطعات عسكرية، وأسلحة متطورة، وعليه فان الطرف الاخر لم يقف ساكتاً، والذي سيعمل على مد المقاومة (بصواريخ محلية الصنع) ودرجات نارية وطائرات مسيرة عن بعد تعدها اسرائيل انتحارية!!
في معركة غير متكافئة من الاساس، الغرض منها تصفية الحسابات وفرض وجود، وجس نبض الاخر والمتاجرة بالقضية من الجانبين!!!
لا يعد هذا الكلام خذلان بل هي (الحقيقة القاسية) والتي لا يجرأ الأعلام المسيس والمأدلج والمدفوع الثمن، والاشارة اليه بموضوعية او حياد، دليل الكلام اعلان ايران انها غير مسؤولة عن الاسلحة التي بحوزة حماس!
وان الاتهامات الموجهة لها بضلوعها في هجوم حماس على اسرائيل بانها تنستند الى اهداف سياسية.
تبقى القضية الفلسطينية قضية العرب الاولى، ونبقى القدس قبلتهم الاولى، رغم خيانة العملاء، وخذلان العرب، ورغم استغلالها !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى